روايات

رواية غمرة عشقك الفصل الخامس والثلاثون 35 بقلم دهب عطية

رواية غمرة عشقك الفصل الخامس والثلاثون 35 بقلم دهب عطية

رواية غمرة عشقك الجزء الخامس والثلاثون

رواية غمرة عشقك البارت الخامس والثلاثون

رواية غمرة عشقك
رواية غمرة عشقك

رواية غمرة عشقك الحلقة الخامسة والثلاثون

تاوهت بقوة وهي تراه ينقض عليها كالنمر الغاضب
وعيناه تشع قساوة مخيفة….وملامحه باكملها
قاتمة متشنجة بانتفاضة غاضبة………
اتكا اكثر على ذراعها بين كفه الصلب وهو يهدر بنفس السؤال…..
“انطقي….. كنتي عارفه انك حامل ومخبيه
عليا……سااكته ليه انطقي…. ”
اغضمت عينيها بقوة وانتفض جسدها بخوف منه
وهي تقف امامه كالفريسة الخاضعه منتظرة النهاية الحتمية منه…….
صرخ بقوة عليها مكرر السؤال مما جعلها تصرخ بهستيريه وخوف ودون ان تفتح عينيها….
هدرت بارتعاد…..
“ايوا….. ايوا……كنت عارفه…..كنت عارفه
و خبيت عليك……”
لم يرأف بحالها بل هزها بين يداه صارخ
بعنف….
“وخبيتي عليا ليه…. ها…… كنتي عايزه تنزليه…
ولا تاخديه وتهربي…….كنتي مخبيه عني ليه….’
فتحت عينيها الحمراء واعترفت
بغضب……
” عشان متخدهوش مني……… او متضطرش تعيش معايا مجبور عشان خاطره……… ”
تركها سريعاً نافض ذراعيها عن يداه بحركة نفور اصابتها في مقتلها…….. ثم ابتعد عنها وارجع شعره للخلف بعصبية وهو يوليها ظهره بقسوة ظاهريه بينما جسده بداخل ينتفض بغضب وكان داخلياً
في حالة انفعالية مريبه لم تنتابه يوماً……
هتف بمقتٍ وعيناه تشع جفاء……..
“انا فعلاً مضطر اعيش معاكي بس مش مجبور….”
خفق قلبها بخوف وسالته ببطئ…..
“يعني إيه………. مش فاهمه…….”
نظر امامه وعيناه تضج بصراع عنيف…..اجابها
بنبرة خشنة……..
“يعني هتروحي معايا…….. وتقعدي في بيتي زيك
زي السرير اللي قعده عليه… تعيشي بس عشان تاخدي بالك من اللي في بطنك ولو ربنا كتبله
النور…. هتكملي برضو علشانه……..”
سالته من خلف ظهره بحماقة وتسرع
كعادتها……
“مش فاهمه……… هتشغلني خدامه عندك……”
برم شفتيه وهو يستدير اليها بعيون عسلية
مشتعله غضبٍ…….
“اشغلك خدامه !!….. لا انا مستغني عن خدماتك… انتي هتخدمي ابنك وهتعيشي عشانه… زيك زي
اي واحده ما بتعمل…”
(وانت….)
نطقت بها عيناها الشفافة من اسفل غمامة
الدموع مما جعله يقول بنبرة سوداء باردة…….
“ام انا بقا……. فطلعيني من حساباتك… كاني مش موجود معاكي…….هتعيشي بس معايا عشان خاطر اللي في بطنك….عشان لما يجي الدنيا يلاقي نفسه عايش بين امه وابوه…..”
توسعت عينيها ونزلت دموعها بانسياب على
وجنتيها وهي تقول بعناد…..
“مين قال اني هقبل بالوضع ده……”
توعد بعيناه الضارية قائلاً بقتامة…….
“هتقبلي…. ياتعيشي معايا عشان خاطره…… يامّا….
بعد الولادة تتنزلي عنه…… وكملي في الطريق اللي انتي عيزاه…. وانا وابني هنفضل مع بعض…..”
نزلت دموعها أكثر امام عيناه وهي تنظر اليه
بصدمة وملامحها شاحبه كالاموات…. ثم
همست تلقائياً بعتاب……
“عز………….. انت بتقول إيه……..”
اقترب منها ومال عليها هادراً بانفعال…..
“إيه……. اتصدمتي….. ما دا اللي انتي متوقعاه مني……. مالك مصدومه كده ليه….. مش برضو
خبيتي عليا عشان خايفه لاخده منك او اضطر اعيش معاكي عشان خاطره….. انتي صح وانا بخيرك………”
نظرت اليه بعينيها الحمراء…هامسه
بضعف…..
“عز…….”
طافت عيناه على ملامحها بالقرب من وجهها
وقال بنبرة حزينة موجوعه لأبعد
حد…..
“وجعتيني ياحنين……… مكنتش مستني منك
وجع تاني………..مكنتش مستني………”
رق قلبها وتحركت مشاعرها نحوه فرفعت يدها تضعها على وجنته هامسة بتردد واعتذار…..
“عز…….. انا……”
ابعد كفها عنه بقوة وهو ينهض قائلاً بغضب
وعيناه المخاصمة ترمقها بقسوة…….
“اياكي تكرريها تاني…… الكلام اللي قولته
هتنفذيه بالحرف الواحد…… هتروحي معايا……..وهتكملي بس عشان خاطر ابنك…….
وانا تنسيني…… زي مانا نسيتك…….”
نزلت دموعها وهي تساله بوله….
“نستني !!….بالبساطه دي…….ازاي عايزني اعيش
معاك بطريقه دي……..انا مش اللعبه بتاعتك تاخدها وقت مانت عايز وتسبها وقت مانت عايز……”
عند استدراته صرخ منفعلاً من حديثها…..
“مين اللي ساب مين……..انا ولا انتي…….”
صرخت معه ودموع تغرق وجهها بشكلا بائس يليق بحياتها وحبها له……..
“انتَ……رقصك مع ميرال في فرح اختك وقبلها برضو والصور اللي جتلي وانت بترقص معاها مجملة…… قولي هو انا لي مش في حياتك……..لي عايزني افضل دايما الجزء المستخبي ورا
الستاره………ليه…….”
لمعة عيناه بقسوة وهو يرفض ما تشير اليه….
معقباً بنفور….. “الاوهام دي في دماغك انتي…….”
هدرت بدموع القهر……
“الاوهام دي الحقيقه ياعز……الحقيقه……”
قال بجمود من بين اسنانه المطبق عليها
بشدة…..
“كلامك مش هيغير حاجة من اللي عملتيه ياحنين…..وهترجعي معايا البيت غصب عنك….وكله عشان خاطر اللي في بطنك…..سامعه عشان خاطره بس ياحنين……..”
خرج من الغرفة امام ابصارها المشدوهة الغارقة
في الدموع…………
ماذا يحدث لهم….. لماذا كل شيءٍ يتعقد
أكثر……….لماذا……..حتى الآن لا تعرف من منهم على خطا ومن على صواب……..
أحياناً تشعر انها ظالمه وقاسية عليه…واحيانا كثيرة
تشعر ان هو من يقسو على حبها وقلبها الضعيف
يظن انها قادرة على التحمل….لكنها فقدت القوة والعزيمة مع سنوات الشقاء…..ليته يعلم انه هو الوحيد القادر على تبدد الحزن بفرحٍ….وتعب
برآحه……..ليته يريح قلبها العليل في حبه
ويتفهم مخاوفها……ويطمئن قلب تعب من
كثرة الدوران…………
……………………………………………………………..
مسكت المقورة ثم ثمرة الكوسة وبدات بتقورها
وهي تقول لامها….
“الحمدلله ياما…… كله تمام………وحماتي كويسه معايا….. وشهر ده قربت منها اكتر هي وبناتها
واموري تمام معاهم….. مفيش اي حاجة……”
سالتها والدتها الجالسه جوارها والتي كانت تنقد
الحصاة الصغيره من بين حبات الارز……
“ومرات عمه……… شوفتيها……”
قالت سمر وهي تمط شفتيها بعدم اهتمام……
“مرتين بظبط…… اول مابتشوفني بترمي السلام بالسان كده وبتاخد بعضها وتدخل شقتها……”
قالت زينب بمقتٍ وشماته…….
“احسن شكل جوزها منبه عليها بعد اللي عملته
معانا…….. ربنا يبعدها عننا…….”
تحركت حدقتي سمر في صالة البيت وهي
تسال امها……..
“يارب……. قوليلي صحيح هو أحمد فين…..”
اخبرتها والدتها وهي تتنهد بجزع…..قائلة باستهجان………
“راح الجامعه…. ونبي حاله مابقا عجبني لا بياكل زي الناس ولا بينام ولا بيقعد معايا…… وطول اليوم برا
يافي الشغل يافي الجامعه…… يا برا مع صحابه….”
بررت سمر حتى لا تفشي سره امامها…..
“معلشي ياما هما اللي في سنه مبيقعدوش في
البيت اصلا…. بيحبوا اللف……..”
دعت زينب له بقلق…….
“ربنا يسترها عليه………ويكفيه شر نفسه…….”
اتممت سمر خلفها…. “يارب……”
ظهر عارف من أحد الغرف وحينما ابصر سمر الجالسة جوار امها على الاريكة تقور الكوسه
وهي تتسامر مع امها حتى تهللت ملامحه فرحاً
وهو يتجه نحوها قائلاً بحنان…..
“سمر…. وانا بقول برضو البيت نور مرة واحده
كدا ليه……..”
توسعت ابتسامة سمر وهي تنهض متجه
نحوه….
“منور بيك ياخالي………فين من آخر مرة شوفتك فيها……. مفيش مرة جيت زورتني حتى في شقتي…..”
عانقها عارف وهو يعتذر بنبرة ابوية لا تكشف
إلا امام اولاد اخته…..
“حقك عليا…. بس انتي عرفاني……مبحبش اللف…”
ابتعدت عنه ونظرت له بعتاب….
“فين اللف بس ياخالي…. دول خطوتين…….البيت
في وش البيت…. دورلك على حجه تانيه…..”
ابتسم عارف هاكماً وهو يوليها
ظهره ….
“معنديش وقت ادور كفايه الحجه دي…”
سالته باستغراب…. “رايح فين…..”
تابع عارف سيره قائلاً……
“هولع على الحجر……… واجي قعد معاكي…..”
قالت زينب بحنق من
اخيها…..
“انت مفطرتش ياعارف…….”
قال عارف وهو بداخل المطبخ……
“مش عايز يازينب مليش نفس…….”
نظرت سمر لامها وسالتها بحزن…..
“لسه زي ماهوا برضو…..”
أسبلت زينب عينيها وهي تتابع ما تفعله قائلة
بحسرة على اخيها الكبير……
“زي مانتي شايفه كوابيس بليل.. والصبح بيبقا في دنيا غير دنيا………”
عادت سمر جالسه وهي تتسامر مع امها…..
“من ساعة ما مراته وبنته ماتوا وهو على الحال
ده… كانه دفن نفسه معاهم بالحيه……..”
اخرجت زينب تنهيدة شجن كئيبه
متعبه…..وهي تقول….
“على مين نلوم يابنتي…..الفراق صعب….. خصوصاً
لو كانوا اللي راحوا حته مننا…….”
اومات سمر بتفهم وعيناها لمعة بتمني
حزين…..
“عارفه ياما……. بس نفسي يرجع زي الأول….”
قالت زينب بنظرة شارده…….
“هو اللي مش عايز ياسمر…. عايز يفضل كده…
بعيد لا ليه دعوة بحد… ولا حد ليه دعوه بيه….
مع نفسه…….”ثم نظرت لابنتها محاولة الهروب
من احزانها على اخيها………فسنوات تمر
وتركض من حولهم…… وعارف هو عارف
تائه شارد بعيد رغم انهُ معهم دوماً لكن
جسده يظل باقي هنا امّا روحه المشوهة
تظل تطوف على قبر الأحبة…………
سالتها زينب بابتسامة حانيه….
“المهم قوليلي جوزك كويس معاكي ……”
لمعة عينا سمر سريعاً وخفق قلبها وهي تبتسم
ابتسامة تقطر عسلاً ثم قالت هائمة…….
“الحمدلله ياما…. هو في زي ابراهيم…. حنيته وخوفه
عليا وحبه ليا بدنيا كلها……..انا حسى اني بحلم… وخايفه اصحى من الحلم…..”
رق قلب زينب فربتت على كتف ابنتها
قائلة بحنو…..
“مش حلم ياضنايا……. افرحي ونبسطي
بشبابك ياسمر………. عيشي يابنتي وعوضي سنين
عمرك اللي راحت في شقى وتعب……ابراهيم جدع وابن حلال….. وانتوا الاتنين اتخلقته لبعض… ربنا يسعدكم يابنتي…….وافرح بنجاح اخوكي.. وبعدها
اشوفه عريس…. قعده جمبه بنت الحلال اللي تصونه وتاخد بالها منه………. وساعتها مش عايزه حاجة من الدنيا……. هموت وانا مطمنه…. ”
عقدت سمر حاجبيها وقالت بعدم رضا….
“موت اي بس يازوزو…. صلي على النبي كده….
بكرة تجوزي احمد وتشيلي عيال عياله كمان……”
ضحكت زينب وقالت بعد تنهيدة طويله…..
“ياااه……… يامين ياعيش ياسمر……”
ابتسمت سمر وقالت بمحبة وتمني…..
“هتعيشي يازوزو…. ربنا يطولنا في عمرك…..”
صاح صوت عارف من المطبخ قائلاً
بتذمر…
“يازينب…. فين برطمان الشاي يازينب……”
نهضت زينب سريعاً وهي تنظر لسمر
باستياء……
“حاضر جايه ياخويا……..”ثم قالت وهي تدلف
للمطبخ…..
” خليك ياعارف وانا هعملهولك……. ”
صدح هاتف سمر في تلك الاوقات فتبسمت شفتاها بعد رؤية اسمه ينير الهاتف….فتحت الخط ووضعت الهاتف على اذنها قائلة برقة…..
“اي ياحبيبي….. عامل إيه…..”
اتى صوت ابراهيم متسائلاً… “الحمدلله……اي لسه عند امك…..”
اومات وهي تاخذ ثمرة جديدة لتقورها……
“آآه…..شويه ونزله…… هتيجي امتى….”
رد بايجاز…… “في معادي……”
همست بحبٍ له….. “وحشتني اوي……”
اتى صوته هامساً بعمق خفق قلبها مع
كلماته….
“وانتي كمان ياسمر…… وحشتيني اوي…….”
قالت بدلال بعد رجفة الشوق التي سرت
بحسدها….
“هيما…… حاول تيجي بدري شويه…. وحياتي عندك……..”
اتاها صوته العابث قائلاً…..
“والمكافئه…….. ارشيني وانا اجيلك دلوقتي….”
عضت على شفتيها وهي تتبسم
بتغنج….
“شوف انت عايز إيه……. وانا موافقه عليه…..”
قال بخشونه وصوت مراوغ……
“فاكره ايام الخطوبة لما رحت جبتك بتاكسي من ادام مول ****…”
ضحكت سمر وعيناها معلقه على باب المطبخ
بحرج من ان يسمع أحد حديثهم…….
“فاكره…. يومها سحبت فرامل مرة واحده وقلبتلي الهدوم على بعضها……”
ارجع راسه للخلف واتى صوته المتسلي وهو يسالها…..
“ايوا……جبتي المفيد…….الترتر الاحمر بقا فين…”
اخبرته بابتسامة متوردة……
“موجود ياحبيبي…….”
تسأل بخبث….. “طب إيه……”
ضحكت بتلاعب….. “إيه…..”
همس ابراهيم بحرارة…..
“إيه انت ياشبح………حن مش كده…….”
مطت شفتيها وقالت بجزع……
“بصراحه بقا انا خايفه البس البدله وتقطعها… ودي شكلها حلو اوي…….”
سالها باستفهام….. “انتي جربتيها…….”
قالت سمر بتاكيد وهي تضحك….
“انا كل يوم بجربها…. وبغير رايي تاني…..”
اتى صوت ابراهيم ساخراً….
“لا والله……وطبعاً مش كسوف دا خوف انها تتقطع……”
اجابت بصوتها الناعم المتدلل……
“كسوف اي…… مفيش بينا الكلام دا ياحبيبي…”
ضحك وهو يخبرها بوقاحه ونبرة
صادقه…..
“ودي احلى حاجة فيك ياشبح….”ثم أضاف
بمراوغه…..
“المهم يعني………..هتحن امتى……..”
قالت سمر بدلال…..
“على حسب ما اشوف انت هتيجي امتى…..”
قال بنبرة عميقة…..
“اعتبريني جيت………….. سمر……”
عند نداءه…… ردت بصوتٍ متيم…..
“اي ياقلب سمر……..”
ادعى ابراهيم الحنق قائلاً……..
“اقفلي عشان عندي شغل……… وانتي معطلاني…”
رمشت بعيناها عدت مرت بعدم فهم…..ثم بعد برهة
ذابت الصدمة وصاحت بغيظٍ…….
“ايه….اي بجد… بتهزر صح….. اي الغلاسه دي… على فكره انت اللي رانن…………”
انفجر ابراهيم ضاحكاً بقوة بعد حديثها….مما جعلها تتذمر قائلة……..
“بطل غلاسه يابراهيم…… انت رخم والله……طب
لعلمك بقا…. جيت بدري ولا متاخر حتى هتنام
في اوضة الاطفال عقاباً ليك…….”
خفف ابراهيم من ضحكاته وهو يقول
بصوتٍ مبتسم……
“واهون عليك ياشبح…..”
اومات سريعاً بحنق….
“آآه تهون………”
اتى صوته أجش عميق المعاني…..
“بالله عليكي اهون……”
سلمت الرايا البيضاء سريعاً وقادها قلبها قائلة
بحب………
“يالهووي ياعليك………. لا متهونش طبعاً……”
ابتسم قائلاً بحرارة “بحبك يابت…….”
زمجرت قائلة بشراسة……
“اي بت دي….. متقوليش يابت….. لي
اسم انا…….”
سالها بمداعبه…..
“واسمك إيه ياجميل…..”
ضحكت سمر فجأه وهي تسأله باستغراب…..
‘ابراهيم انت فاضي اوي كده….. ”
اخبرها بنفي وهو يضحك
معها…..
“والله ولا فاضي ولا حاجة…..”
هزت راسها مُستاءه وهي تقول…..
“طب اقفل وشوف شغلك…. وحاول تيجي بدري…”
تساءل بمكر…… “عشان……”
اجابت بغرور….
“عشاني انا طبعاً…. اي مش كفايه……..”
اوما بنبرة عاشق ولهان……..
“طبعاً كفايه….. ساعتين كده وهطلع ان شاءالله…”
“ان شاء الله ياحبيبي… تيجي بسلامه…..”
اغلقت الخط بعد السلامات ورفعت عينيها على المطبخ وصاحت…….
“ياما… انا قورتلك الكوسه… والبتنجان…… عايزه حاجة تانيه……. عشان نزله…….”
خرجت زينب من المطبخ قائلة….
“راحه فين ياسمر ما تقعدي تتغدي معانا….”
تركت سمر مابيدها على المنضدة ونفضت ملابسها وهي تقول……
“غدى اي بس يازوزو…. ابراهيم زمانه على وصول يدوبك الحق اعمل الغدى…….”
قالت امها بحنان…..
“طب ما تقعدي وتتغدوا انتوا الاتنين معانا…..”
امتنعت سمر سريعاً قائلة بهدوء…..
“لا… لا…. ابراهيم بيجي من الشغل تعبان… وبيبقا
عايز يقعد براحته……… خليها يوم جمعه كده….
ابقي اعزميه……..”
حركت امها كتفيها بقلة حيلة قائلة…….
“زي ماتحبي……..”
في تلك اللحظة دخل أحمد من باب الشقة بعد ان فتح بالمفتاح…. رفع عيناه الحمراء الذابلة عليهم
ثم القى السلام بفتور على اخته……
“سلام عليكم…….. ازيك ياسمر……..”بعد هذا السلام البارد هم بدخول لغرفته……بينما ردت سمر وهي
تقول بعتاب……
“الحمدلله…….. رايح فين…. وكاني بايته في
حضنك… ماتيجي تقعد معايا شويه………”
وضع يده على مقبض الباب ثم قال بوجوم….
“مرة تانيه ياسمر…. انا جاي تعبان من برا….. ومصدع وعايز انام………” دلف للغرفه واغلقها بهدوء…..
نظرت سمر للباب المغلق بحزن ثم عادت بعينيها لامها…. فقالت زينب لها محاولة التخفيف
عنها بعد قلة ذوق ابنها….
“متزعليش منه ياسمر……. والله يابنتي ما بيقعد معايا……..وعلطول قافل على نفسه اوضته زي مانتي شايفه كده……. لا اكل ولا شرب زي الناس… ولا اي حاجة وكان مفيش حد عايش معاه…… لحد ما غلبت معاه…… اذا كان هو ولا خالك جيبنلي الحسرة
ووجع القلب…”
زفرة سمر بسأم وهي تنظر للباب المغلق
بقلق….
“ربنا يهديهم ياما………..كل واحد وفيه اللي مكفيه…….”
…………………………………………………………..
ظل جالساً على (الركنة)ام شاشة التلفاز الكبيرة
يقلب في المحطات بملل وقلة صبر…….
بعد ان اكلا وجبة الغداء معاً تركته ودلفت للغرفة
وحكمت عليه ان يظل مكانه حتى تنتهي من تهيئة
الجو الشاعري الحميمي لهما…….
ساعتين وهي تهيىء الجو؟!……..قد مل من
الجلوس وحده……….
رفع عيناه ونظر للغرفة الفارغه من حوله والفراغ يحتل الشقة وكانه جالس بمفرده…….لولا صوت التلفاز العالي لتظن ان الشقة لا يسكنها أحد………
سحب نفساً عميقاً لصدره مبرد اشتعال جسده
ثم علق عيناه على التلفاز بشرود……..
قد تسللت البهية لحياته واستحوذت عليها وبات اي شيءٍ دونها ليس له قيمة ولا يشعر بحلاوة اي
شيءٍ إلا معها……..
ذكر كثيراً انه لا يفضل مشاهدة الافلام الرومانسيه……وانه يميل للاكشن أكثر او
الرعب…..
الان هو يجلس منذ ساعتين امام فلمه المفضل
ولا يستشعر باي حماس او استمتاع عقله للاسف مشغول بها…..وقلبه معها اينما ذهبت…..والشوق غلاب يدفعه الان كي يذهب اليها وتباً للانتظار…….
بلع ريقه وخفق قلبه وزاد اشتعال جسده وهو يسمعها تنادي عليه بصوتها الناعم بدلال………
نهض من مكانه متجه اليها بهدوء….حينما وصل للغرفة ودلف اليها رفع عيناه عليها……
وهي كذلك تعلقت بعيناه الحادة بالفطرة رغم دفء نظراته عليها………..
عضت على شفتيها وهي ترى نظراته تسير على جسدها الفاتن المكشوف………بعدما ارتدت بذلة
رقص قرمزية لامعة عبارة عن قطعتين الأولى
تشبه حمالات الصدر…..بارز من خلالها
ثديها بشكلاً مثير………ام بالاسفل كانت تتدلى كتنورة طويلة حريرية مفتوحة من الجهتين تبرز وركيها من الاعلى حتى اخر كاحلها الأبيض الذي
زين بخلخال ذهبي يحاط بورود حمراء صغيرة…….
رفع عيناه للأعلى مرة آخر وهو يشعر بفوران
بجسده……..نظر لعينيها السوداء المكحلة بجمال
زينة وجهها المتقنة وشفتاها….آآه من شفتيها المكتنزة الشهية والتي طلتها بأحمر صارخ
حتى تزيد اثارة وفتون………ام شعرها الغجري
فهو كان هالة من الجمال زاد قطعة السكر حلاوة حينما تركته طليق كما يحب ان يراه……….
تبسمت شفتاها وزاد توهج عيناها شغفًا وحبًا
وفضولاً انثوي منتظرة اية تعليق بعد هذا المجهود الجبار التي فعلته بحالها فقط لترضيه كما
يحب……
رمشت بعينيها عدت مرات وبدأ الاحباط يتسلل اليها
ببطء وهي تراه واقف امامها مجمد عيناه تتحرك على جسدها براحة….متاملها بقوة وكانها لوحة
فنية مبهرة………..او لغز محير للعالم واتى هو
لاكتشافه……
لكن كيف يكتشف مساره وهو بعيد هكذآ…..يجب
ان يقترب كي يحل تلك الشفرة الصعبة…….
قالتها عينيها وهي تدعوه بوقاحة ان يتقدم……
لكنه كان كما هو… معلق عيناه عليها بصمت ابله
جعلها تمط شفتيها باستياء وهي تميل امام مجسم
حجري جميل على شكل بلورة اصدرت اضاءه خافته
كاللهب مختلفة الالوان وسريعاً انتشر الدفء الحميمي من حولهم…….
وعند تمايلها هذا بلع ريقه بصعوبة وهو يرى انحاءها
يعبث الفوضى اكثر بداخله ويزيد سخونة جسده
ورغباته المتطلبة بعد روية تلك الفتنة الفجة المتحركة امامه بثوب قرمزي مثير حد اللعنة
عليها….
اشعلت سمر أيضاً المذياع على موسيقة شعبية
( الطبلة البلدي) ….ثم مسكت بين يداها عصا
خشبيه رفيعه باللون الاحمر…….
اتجهت اليه باعين متراقصه ووقفت امامه ثم
مالت عليه قائلة بشقاوة…..
“هتفضل ساكت كتير……..”
اخبرها وعيناه متعلق بعيونها البراقة
الجميلة….
“مات الكلام قدام جمالك ياسمر……..”
ضحكت سمر ولمعة عيناها بومض الحب ثم تركت العصا جانباً وعانقة عنقه بيداها… لاصقه جسدها بجسده الساخن وهي تميل عليه وتداعب شعره باصابعها……قائلة بحرارة امام عيناه…
“بحبك ياحبيبي…… بحبك أوي…..”
تحرك أخيراً مستجيب لها وعانق خصرها بيداه مقربها منه اكثر متاوه بداخله بشوق من شدة
نعومة جسدها اللين بين يداه…….همس بخفوت عميق المعاني…. وهو يميل على شفتيها…..
“وانا بموت فيكي……”
اغمضت عينيها وهي تراه يالتهم شفتيها بقوة وحرارة بشوق جارف…… اغمضت عينيها
واتكات على شعره بضعف وهي ترى يده العابثة
تسير بحرية وتسلط على مفاتنها……بينما شفتاه
آآه منها تفعل بها العجب لم تترك جزء بوجهها إلا
وسارت عليه بتأني وحرارة حتى عنقها أخذ حصة
قوية من القبلات الحارة المتلهفة…..
ابعدته بصعوبة وهي تقول بانفاس
متهدجه….
“ابراهيم……كفايه….استنى…..”
دفعته بقوة وابتعدت عنه ثم مالت على العصا واعطاتها له قائلة…..
“ارقص معايا……..”
ضحك وهو ينظر للعصا ثم لعيناها…..
“لا انا مليش في الكلام ده…….انا ممكن اصقفلك وتفرج…..”انهى اخر كلمة بغمزة وقحه….
ضحكت وهي تلقي اليه العصا…..
“وترقص معايا برضو…….”
اعطته العصا وبدات تتمايل امامه بتغنج وخصرها يذوب مع الطبل والموسيقى…….وشعرها الاسود يتارجح حولها بدلال وهي ترقص على اوتار
الأنغام تاركه لروحها حرية الانطلاق على
اعلى اعلى درجات السعادة والانسجام…
وهو يراقبها بقوة واستمتاع تارك لعيناه حرية النظر لمفاتنها المهتزة الشهية وخصرها المنحوت الذأب مع الاوتار……
كان يحرك العصا بين يده ويلف حولها وهو يرقص
بعصاه وهي تميل بخصرها بدلال امامه وتصدر
عنها ضحكة انثويه صداها التغنج ورنة الضحكة تذيب فؤادة فيرقص قلبه على صخب أعلى من الصخب الذي يترقصا عليه……..
بعد انتهى الأغنية وقعت على السرير نائمة بعرض الفراش وهي تضحك بقوة غير مصدقة تلك الطاقة الجبارة التي استنزفتها في الرقص………انها تشعر
انها بأفضل حال عن السابق……..
عليها ان تعترف انها لم تشعر بحلاوة الرقص الى حينما رقصت إليه……..
شعور غريب دافئ وقح وهي ترى نفسها بعيناه المرأه
الوحيده بالكون نظراته وهي ترقص امامه وتتمايل بدلال وجرأة تكاد تجردها من ملابسها…مجرد نظرات اوصلت لها رسالة صريحة انه على شفرة
الجنون من افعالها تلك……..
وكانه لا يكتفي مهما نال منها….وهي لا تكتفي مهما اعطت له يظل بداخلها هذا الاحساس الصريح رغم
وقاحته الملموسة…….تريده دوماً معها…..تحب علاقتهما الحميمية جداً تحب قربه احضانه قبلاته
همساته تاوهه المتحشرج في عز جنونهم…….
اغمضت عينيها وهي تشعر بانفاسه الساخنة على عنقها بعد ان شاركها تلك النومه…….
شعرت بشفتيه تطبع على وجهها وعنقها وشفتيها
وهو يهمس بحبٍ…..
“وبعدين معاكي…..مش هتبطلي شقاوة….
جننتيني يابت…….هو في حلاوة كده….”
اغمضت عينيها اكثر وهي تسمع كلماته المتقطعه وقبلاته المتلهفه………فتحت عينيها ونظرت لعيناه
الجامعة مابين الحدة والحب……تبسمت شفتاها
وهي تمرر يدها على لحيته الخشنة ثم قالت
بدلال…..
“على فكرة دقنك بتشوك………”
داعب انفها بانفه قائلاً….
“بجد……….احلقها عشانك…….”
قبلها مجدداً فزادت عيار الدلال قائلة بميوعه…. “بتشوك ياهيما……..”
نظر لعينيها وقال بتوعد وقح……
“يابت بطلي دلع…..انا لو اتهورت اكتر من كده هضيعي…….”
ضحكت بقوة وهي تعض على شفتيها ثم قالت ببراءة…..
“فين الدلع ده…….حقيقي دقنك بتشوك…….”
اوما قائلاً بلهفة حارة…..
“بكره احلقها خلينا في النهارده ركزي معايا….”
نظرت اليه بعيون متلاعبه بشقاوة وقالت
بطاعه….. “ركزت…….”
بينما هو نظر لعينيها الجميلتين ثم لقرمزي
شفتيها المنتفخة بسبب هجومه عليها….اصبحت اشهى بعد عبثه هذا مما جعله يهمس بحرارة…….
“احنا مطبقين ياشبح……..خلص الكلام……”
ضحكت بقوة فكتم ضحكتها بقبلة جامحه جعلها تتاوه باستمتاع وهي تحيط عنقه وتقربه منها
أكثر فهي اشتاقت إليه….وجسدها باكمله في حالة فوضى بسبب هذا الوسيم المتلاعب……..الذي يعرف
كيف يصل اليها ويجبرها على الاستمتاع بقربه بل
ويجعلها تشتاق اليه دوماً……
تناغم غريب جميل دافئ بينهما….تحبه كما تحب ان تفعل كل شيءٍ معه……وتحب المشاركة معه ايا
كانت المهم انها معه هو فقط……
وفي زحمة الحياة اختارتك رفيق دربي…..وقلبي اكتفى بك عن الجميع ، ولن يبقى في الأثر سواك
حبيب…….فاقترب ياسيدي ان لك أنتمي وملكك
عاشقة لا تهوى سواك ولا تسعى إلا لرضاك…
اقترب يا حبيبي يا سيدي و يا نصيبي اقترب
كلِ لك وانت لي وقلبك حبيبي…….. وكفى ……
………………………………………………………………
في صباح شعرت في نومها بيدٍ عابثة غليظه تحاول ايقاظها….. نفضت اليد بحنق وهي تولي ظهرها للناحية الأخرى…. لتجد ذراعين قويتين تسحبها
بقوة لعندها….. التصق جسدها من الخلف بجسد صلب قوي…….. وشعرت بشفتين غليظتين تسير بحريه على عنقها وكتفها…….
همهمت بحنق وهي تحاول ابعاد راسها عنه….
“بس بقا يابراهيم……..”
همس بالقرب من جيدها بعبوس…..
“قومي ياسمر بقا…. بقالي ساعه بصحيكي……”
سالته بتزمر…. وهي مغمضت العينين…..
“هقوم ليه……..”
اخبرها ببساطه…..
“عشان انا جعان وعايز افطر……وورايا شغل…. ”
مزالت عينيها مغلقه وهي تجيب بهدوء….
“حاضر افوق بس…….”
قال بصوتٍ أجش…….
“تعالي فوقي في حضني………”ادارها إليه……
فدخلت هي في احضانه ودفنت وجهها في صدره العريض المشتد……..
اغمض عيناه وهو يدعب شعرها باصابعه قائلاً
بهمساً حاني وكانه ييقظ طفلته من النوم…..
“سمر……..قومي بقا ياحبيبتي متنميش…..”
وجدها تحيط خصره بيدها وتدس نفسها اكثر
بداخله قائلة بنعاس…….
“حسى اني سقعانه اوي………”
ضمها إليه اكثر وهو يسند خده على شعرها قائلاً
بقلق…….
“اوعي تكوني بردتي……وريني كده……”لامس وجنتها
بظهر يده فوجد حرارتها طبيعية فقال…..
“مفيش حاجة ياسمر……. متقلقنيش……”
قالت بعبوس وهي تفتح عينيها نصف
فتحه….
“مين قال اني تعبانه……انا بس سقعانه شويه….”
“تعالي ادفيكي……”ضمها اكثر اليه بحنان
فابتسمت وهي تقول مع تذكر لقطات من ليلة أمس……
“سهرنا جامد إمبارح……..”
اصدر همهمات رجوليه خبيثة وهو يقول
بوقاحة…..
“كانت ليله حمرة……….حمرة بجد مش كلام…..”
ضحكت سمر وعضت على شفتيها وهي تدفن وجهها بصدره……..مرر يده على ظهرها العاري قائلاً
بهمساً حار…….
“بحبك…….بحبك ياسمر……..بعشقك يابت……”
رفعت راسها اليه وقالت امام عيناه
الحانيه…..
“وانا بموت فيك ياحبيبي…….”اقتربت منه وقدمت شفتيها الشهية اليه فما كان منه إلا ان التهامها بقوة
وزادت القبلة عمقٍ حينما بادلته باشتياق
ورغبة لا تنضب في اجسادهم بل تشتعل كلما زادت
القلوب حبًا وتعلقًا………
بعد قليل وقفت سمر امام المرآة تهندم ملابسها الانيقة…طاقم كلاسيكي أنيق مهندم ومحتشم…
ثم لملمت شعرها بربطة مرتبه للخلف……..وجملت
وجهها بزينة طفيفة تليق بنهار اليوم واوقات
العمل……..
اتجه اليها ابراهيم وقد ارتدى بنطال جينز وقميص
أسود…….ارتدى ساعة معصمه وهو ينظر اليها بتساءل…..
“على فين بدري كده…….”
قالت وهي ترجع خصله من شعرها للخلف امام
المرآة…….
“على السنتر….عفاف هتيجي متاخر النهاردة….عندها مشوار مهم……فقولت اروح بدري النهاردة…….على فكره هتوصلني….. ”
مط شفتيه مدعي الحنق…..
“سواق معاليكي انا…….”
اتجهت اليه وقالت برقة….
“لا جوزي وحبيبي…….”
لوى شفتيه في بسمة ماكرة وقال…..
“حلو التثبيت ده…….بس مش واكل معايا…..”
وقفت سمر على طرف اصابع قدميها ومالت عليه طابعه قبلة على وجنته قائله بتغنج…..
“طب وكده ياهيما…..”
هز راسها بعدم رضا وقلب شفتيه باستهجان…..مما جعلها تقبل الجهة الأخرى قائلة بنعومه…
“وكده ياحبيبي…..”
هز راسه مجدداً بعدم رضا وهو ينظر للجهة
الاخرى مطصنع الثقل…..ضحكت وهي تميل
على شفتيه وتقبلها بتاني وعمق كما علمها
هو…….
وجدته يتجاوب معها بل وقاد بهيمنه القبلة
وبخبرة اكبر تذيب قلبها…… وتخلق المتعه لكلاهما
همس ابراهيم بمكرٍ من بين شفتيها….
“لو طولنا عن كده مش هنروح الشغل لا انا ولا انتي……..”
ضحكت وهي تبتعد عنه ثم شدت ملابسها وهندمت إياها بعد ان كرمشتها يداه العابثة……قالت وهي
ترفع حقيبتها على كتفها…..
“انا جاهزه ياحبيبي……….يلا عشان منتاخرش….”
اوما لها بابتسامة عميقة لامست عيناه …..ثم
اقترب منها وعانق يدها بكف يده وخرجا معاً
حيثُ سيارته……..
بعد مده أوقف السيارة امام (البيوتي سنتر)….
نظر لها حينما اوقف السيارة قائلاً
بمناغشة وهو ينظر لها….
“يلا انزل ياشبح…….وعدى الجمايل ……”
“جمايلك مغرقانه والله……”قالتها وهي تمرر
اصابعها على كتفه بإهتمام نافضه شيءٍ وهمي
وهي تقول بهدوء……
“اوعى تتأخر………انت وعدتني ان احنا هنتغدى برا النهاردة……….”
عقد حاجبيه وهو ينظر اليها
باستغراب…..متسائلاً……
“امتى وعدتك…….”
ابعدت يدها عنه ناظره اليه بدهشة…..
“امبارح يابراهيم بليل….واحنا مع بعد……انت نسيت
ولا إيه….. ”
قال بمناكفة وهو يدعي النسيان…..
“تقريباً آآه….مانتي عارفه بقا كلام بليل مدهون عليه زبده لما بيطلع عليه النهار بيسيح……..”
لاح الحنق على ملامحها وهي تقول
بانزعاج….
“لا بالله عليك يابراهيم ما تهزر……انت وعدتني……”
ارجع شعره للخلف وهو ينظر للمرآة الصغيرة
امامه ثم قال بمراوغه…….
“امتى وعدتك انا مش فاكر………اديني اماره… ”
نظرت حولها من خلال نافذة السيارة ثم نظرت
اليه قائلة بخفوت…..
“ماشي قرب بس عشان محدش يسمعنا احنا يعتبر في شارع……..”
مالى عليها وطبع قبله سطحية على شفتيها..لكزته
سمر في كتفه وهي تضحك بدهشة من فعلته قائلة……
“بس يابراهيم……..اسمع…….”
ضيق عيناه قائلاً بمزاح وهو ينظر اليها
بشك….
“انا مقلق منك……….اوعي تقول توووت……”
ضحكت بملء شدقتيها حتى سعلت ثم ضربته
في كتفه بغيظ……ومن بين سعالها قالت…….
“بطل بقا واسمع هفكرك بس……..”
“ماشي……. قول ياشبح…….” مالى عليها وهو
يبتسم ويده تعانق كفها…….
بينما همست هي بعدت كلمات جعلته يرفع
عيناه عليها وهو يزفر بحرارة مكبوته……قائلا
بتذكر…….
“آآه افتكرت ماشي….هعدي عليكي اخر النهار اتفقنا……..”
سالته سمر…. “ولو اتأخرت…….”
اخبرها ببساطه…..
“تعاليلي انتي على المصنع ونطلع من هناك سوا………ماشي…..”
اهدت ابتسامه ناعمة وهي توما براسها
بالمواقفه….
“اتفقنا ياحبيبي…….عايزه حاجة….”
هز راسه بنفي وهو يترك كفها أخيراً ثم
قال بصوتٍ رجولي جميل…….
“خدي بالك من نفسك………صباحك زي الورد…”
همت بفتح الباب وهي تقول بنبرة
مشرقة…
“صباحك عسل ياحبيبي…..”
خرجت من السيارة ثم سارت للصالون وعندما
وصلت للباب وقبل الدخول استدارت اليه تهدي
إياه أجمل ابتسامة……..بادلها هو الابتسامة بحب
وقبل ان يرحل اشار اليها بيده بوداع
مؤقتاً بينهما………
اخذت نفسًا عميقًا وعيناها الهائمة متعلقه
بسيارته التي اختفت عن مرمى أبصارها
سريعًا……
استدارت للمكان مجدداً ونظرت لصالون ملياً
ثم همت بدخول بنشاط على كامل الاستعداد
للعمل من بداية ساعته…….مستقبلة اكبر قدر
من الزبائن ببال رائق وابتسامة مشرقة………
عند السادسة مساءاً…..في قلب الصالون التجميلي
رفعت سمر عينيها تتابع سير العمل من خلف مكتبها
ارجعت ظهرها للخلف بارهاق وهي تتحس عنقها بيدها……..
كانوا ساعات طويلة متعبه قضتها بين التنقل من
هنا لهناك من شعر تلك لتزيِن وجه أخرى………..
وأيضاً الإشراف على العاملات القدامى زملاءها
في السنتر السابق….واللواتي يعملن معها بتفانٍ
وحب كما كانت معهن دوماً سواء في السابق او
الان……..
ثم تتنقل كذلك معدلة على عمل العاملات الصغيرات اللواتي اتوا لهنا لكسب خبرة ولقمة عيش معها…… وهي كانت مرحبه بهن جميعن فكانوا فتيات مراهقات تلاثة تقريباً ظروفهن صعبة تشبه ظروفها في السابق حينما كانت مثلهن مراهقة صغير على مشارف السابعة عشر من عمرها……وتسعى لنيل
رضا اصحاب العمل….ولكن كانت تقابل وحشة البشر واسواء ما بهم…….مجرد رغبات ذكورية مكنونه لا تخرج إلا امام من يسعى بقلة حيله لكسب مالاً
حلالاً يعيل به اسرته…..وان رحمك ربك من رغبات البهائم تلك ياتي الجفاء والقسوة معاً في معاملة قذرة منهم وكانك عبد تحت ايديهم وتم شرائك بالقليل لتلبية طلباتهم الاكثر من الكثير……….
تذكر ان ظروف الفتيات حسب قصتهن المختصرة التي سمعتها من عفاف…..
ان الفتاة الاولى تعمل لتعيل اسرتها المكونه
من خمسة افراد في محاولة منها لتوفير
الطعام والشرب وكافة احتيجاتهم بما انها
الفتاة الاكبر كما قدر عليها ذلك ؟!……
والثانية تعمل لأجل اعالة والدها ووالدتها الكبار
في سن بعدما القاهم اخيها الاكبر وهاجر بلا رجعه ولا يعلمان عنه شيءٍ……والثالثة تعمل لتتكفل
بطفليها بعدما تزوجت في سن صغير ومات زوجها بعد سنة زواج في حادث شنيع…
كلهن يحملنا اجبال فوق عاتقهن وجمعيهن يركضون في حلبة سباق لا ترحم والكل يصارع لأجل كسب لقمة حلال ونومه بضميرٍ مرتاح…….
اتت احدهن من الفتيات وتقدمت من سمر وهي
تقول بابتسامة صافية…..
“تحبي اعمل لحضرتك حاجة تشربيها……”
ابتسمت سمر وهي تطلع على الفتاه بهدوء….
تلك المبادرة تذكرها بنفسها حينما كانت تسعى لاخذ مكانه مميزة عند صاحب العمل حتى لا يتخلى عنها يوماً نظرًا للهمة والنشاط التي تتمتع بهم….ولكنها كانت بعد هذا العشم تاخذ اكبر مقلب بحياتها وهي ترى نفسها تتنقل من عمل لأخر بانسياب…بين
وجه هذا لوجه ذاك لينتهي المطاف عند صالون رزان !…….
قالت سمر بهدوء ووجهاً بشوشه……
“لا يابثينه…….مش عايزه حاجه دلوقتي…. لو
عوزت هقولك….. روحي شوفي شغلك انتي…….”
اومات الفتاه بطاعه وهي تبتعد عنه…….
اسبلت سمر عينيها وهي تجري اتصالاً هاتفياً به
حينما فتح الخط قال ابراهيم بنبرة متعبه….
“اي خلصتي ولا لسه……”
مطت سمر شفتيها وقالت بعدم رضا…..
“انا اللي المفروض اسالك كده…..الغدى بقا عشا ياستاذ……..معادنا كان الساعة اربعه العصر بقينا المغرب يابراهيم… ”
برر وهو يتافف بأرق واضح في نبرة
صوته…..
“غصب عني ياسمر……الشغل فوق راسي وشيخ
عمار طلع مع العمال يسلم طلبيه كبيرة وهيرجع
على بليل…….وانتي عارفه من الاسبوع اللي فات ان
احنا بدانا نشغل ورديتين في المصنع…. ”
زفرة باستياء وقالت بهدوء….
“الحجج دي معناها ان احنا مش هنخرج ولا هنتغدى…….تمام…. خلاص روح شوف
شغلك…. ”
قال بصوتٍ حاني مرضيًا اياها بحنان…..
“بلاش القفشه دي ياشبح….اكيد هنتغدى…بصي
عدي عليا نعقد ساعة بس ونطلع نتغدى علطول….”
زمت شفتاها معقبة… “قصدك عشا…….”
انغمس معها بالحديث قائلاً……
“سميها زي ما تسميها…..هي بنسبالي غدى انا على لقمة الفطر بتاعت الصبح اللي كلناها سوا…..”
قالت سمر وهي تضع يدها على معدتها
“وانا زيك والله…….”
اتى صوته عابساً معاتباً اياها بخشونة….
“الكلام ده من عشر ساعات ياسمر….مذنبة نفسك
كل ده من غير اكل…..”
اومات ببساطه معقبه…..
“ااه اشمعنا انت يعني…….”
اتى صوت هاكماً…….
“انا غيرك…..هتقرني نفسك بيه……”ثم تنهد بجزع مغيراً الحوار…
“على عموم تعالي…ونطلع من هنا سوا……”ثم
سالها باهتمام…..
“هتقفلي الصالون امتى…….”
اجابته بفتور…..
“البنات هيقفلوا زي كل يوم على الساعة اتناشر كده………”
اوما براسه بتفهم قائلاً….
“تمام…………….تعالي انا مستنيكي……..”
ودعته برقة قائلة
بحب…….
“جيالك ياحبيبي……….سلام…. ”
نهضت سمر بعد ان انهت المكالمة وضعت الهاتف بحقيبتها ثم اخبرت عفاف بانها ستذهب وستتواصل معها عبر الهاتف حتى تاتي ساعة الانصراف……..
……………………………………………………………
بعد مدة وصلت للمصنع وصعدت على الدرج الى مكتبه مباشرة فكل من هنا يعلم انها زوجته…
شعور غريب حلو ودفء يبعث سعادة من نوع اخر هو ان تشعر بأهمّيّة مكانتك في قلب حبيبك
والاهم ان يعرف الجميع ان لك صلاحيات لن
يشاركها احد معك ولن ياخذها احد منك…..
تظل ملكك كما يظل هو وكل شيءٍ يخصه لك
وحدك دون منازع او مشارك…….
ابتسمت وهي تطرق على الباب بأدب ثم تدلف
رافعه عينيها المشتاقه له وانفها اشتم عبق
رائحته المعطرة بعد ان فتحت الباب وعند
عطرة خفق قلبها بقوة وهي تبصره منغمس
بين اوراقه يحسب ذاك ويراجع هذا ويجري
اتصال بصديقة (عمار مسواك)كي يطمئن على
تسليم الشحنة……….
ابتسمت سمر وهي ترى تلك الهالة الرجولية المحيطه به…..فهو وهو جالس على مقعده هاكذا بداخل مكتبه البسيط وغارق بين الأوراق والمكالمات حالة آخرى
حالة تقع في حبها مرة أخرى……تقع في حب رجلاً جاد عملي طموح يسعى للعيش في مستوى أفضل
والأهم ان ينجح بالحلال كما تربى وكما تعلم
من الدنيا ، فالحلال باقِ حتى وان كان فتات
والحرام فانِ حتى ان إقامة منه ابراج !!……..
رفعت حاجبها بدهشة وابتسمت وهي تراه يشير لها بيده بالجلوس على المقعد المقابل له…..
جلست بطاعه انثويه جميلة… ثم سندت جزعها على
سطح المكتب وسندت خدها على كفها وظلت تتابع
بعينين هادئه بهم ومض الاستمتاع……..
رفع إبراهيم عيناه عليها وجدها تحاصره بنظرات
عينيها البراقة بجمالاً ووجهها الناضر بحلاوة مع
تورد يسيل له لعابه خصوصاً وهي تطبق على
شفتيها الوردية بهذا الشكل……..
شرد قليلا بوجهها مما جعله ينسى المكالمة الهامه ويتلعثم عدت مرات في الحديث….ولكنه لحق نفسه
وابعد عيناه عنها وهو يعود متحدثاً بجدية أكبر
جابر عقله على العمل في اتجاه واحد فقط……
ابتسمت سمر وهي تبعد عينيها عنه وتمسك هاتفه لتبعث به حتى ينهتي من هذا الزحام الذي للاسف
سبب لها صداع من اول دقيقه جلستها امامه
مابال هو يجلس منكفي هكذا بين الأوراق لاكثر
من اثنى عشر ساعة……بالاضافة لجولة الصباح
الذي تاخذ من ضمن هذا الوقت ثلاث ساعات
كما يحكي لها……..
لذلك يشتكي من ظهره دوما وهي كل يوم ليلاً
لها جولة معه في جلسة تدليك متقنه……تنتهي
بالليله حميمية جامحه منه……
ظلت ساعة جالسه تراقبه منشغل بين الاوراق ثم الهاتف…..وكلما حاولت التحدث ياتي شيءٍ يوقفها
ام ان يعتذر وهو ينظر لأوراق او ياتي اتصال يقطع اي كلام ابتدى بينهما……..
حينما نفذ صبرها اتجهت اليه ودارت حول المكتب ثم ابعدت الأوراق من بين يداه…وجلست على
حجره قائلة بملل……
“انا جوعت……..مش هنمشي ولا إيه……”
سالها بهدوء…. “جوعتي اوي…..”
اكدت ببساطه….. “اوي…….”
“انا كمان جعان أوي…….وعايز انام.. “اراح راسه على صدرها واحاط خصرها بذراعيه بحنان وامتلك يدغدغ قلبها…..ثم اغمض عيناه بارهاق واضح….. وهو يملء ريئتيه بعطرها الانثوي الجذاب….
مخرج تنهيدة متعبه بين احضانها……
مما جعلها تشفق عليه وهي تمسد على راسه حتى اخر عنقه وهي تقول بحنان……
“بلاش نخرج النهاردة…….خلينا نجيب اكل واحنا مروحين وناكل في البيت……”
لم يرفع راسه بل سالها بخفوت…..
“بجد……مش هتزعلي……”
مشطت شعره باصابعها قائلة برفق وتفهم…..
“لا ياحبيبي……شكلك تعبان…….متعوضه…..خلينا
نروح ناكل ونرتاح في بيتنا…… عشان انا كمان
تعبت اوي النهاردة………”
بعد حديثها رفع رأسه ونظر لعينيها الجميلة ثم لشفتيها وقال بصوتٍ خافت مداعباً…….
“انتي مش ملاحظه اني مسلمتش عليكي لحد دلوقتي…….”
تبسمت شفتاها وهي تدعي الصدمة……
ثم ضيقت عيناها قائلة بمزاح……..
“بجد…….إزاي تنسى حاجة زي دي…….اي اللي
وكل عقلك…….”
قرص وجنتها قائلاً بحب… “من غيرك يعني……”
وزعت انظارها عليه ثم على سطح المكتب
وعادت اليه قائلة…….
“انا…بعد اللي شوفته ده…في منافس قوي
ليا……..”
حدثها بنبرة صادقة وبمشاعر جارفه….
وعيناه تبحر في عيونها الجميلة…..
“تفتكري في حد يقدر ينافسك برضو……القلب مفهوش غيرك……. انتي وبس…. ”
عقبت سمر هامسة بحب…….
“قلبك حبيبي………وانت حبيبي……..”
مالت على شفتيه مقدمة عرضاً مغرياً مما جعله
يلبي طلبها على احر من الجمر…..قضم شفتيها
بقوة ثم تأوه داخله بحرارة بعد ان لامس شفتيها الطريه الشهيه…..فاجمل شيءٍ يحصل عليه بعد
يوماً متعب حافل بالعمل ، هي شفتيها…. واحضانها…. حديثها… وضحكاتها…. تذمرها ورضاها……..كل شيءٍ يهون امام نظرة رضا واحده من عيناها الحبيبة ونظرة اخرى منها مليئة بالحب حين تعانق عيناه الهائمه بها….
حينما ترك شفتيها….لهثة سمر بقوة وهي تنظر اليه
بدهشة ممزوجه بالحب……. ثم لم تلبث ان ابتسمت وهي تدفن وجهها بعنقه مرر ابراهيم يده على
شعرها قائلاً بلهفة حارة…….
” انا من رأي كفايه شغل نروح دلوقتي ناكل ونكمل كلام في شقتنا……. ولا إيه……… ”
اومات براسها وهي تنهض وعلى شفتيها ابتسامة حلوة تقطر عسلاً على قلبه المدله بحبها…….
…………………………………………………………..
مذاق الحب حلو ، ملمس السعادة هناء……. الضحكه
جوار من تحب الاصدق على الإطلاق….. والتسامر باحضان حبيبك يغنيك عن العالم وما فيه….
والأسرة
وان تحدثنا عنها لن تكفي السطور ولن توفي الكلمات
حقها…… الأسرة هي البيت الأمن والانتماء الذي
لا ياتي بعده إلا حياة وترابط اسري قوي……
مهما زادت خلافاتنا واختلاف أفكارنا… ومهم ابتعدنا بغضب… ورحلنا بعناد….. نعود……نعود لان العودة اجباريه وليست اختيارية…… نعود لانه الرابط
الامتن والاقوى ولا يقوي احد على بتره
مهما حاول…………الفشل حليفه !………..
وحتى ان كتب الرحيل يوماً على احد… فسيكون رحيلا مؤقتاً……. و زوجها أكبر دليل بان العودة امراً مفروغ منه……. سيعود المهاجر للوطن حينما تشتد عليه وحشة الغربة وايامها الباردة………
تمايلت في نومها على الفراش بهذا القميص الحريري القصير كناري اللون……. ثم ابتسمت وهي ترفع عيناها العسلية على ابنها الذي يجلس جوارها
جلست القرفصاء ويلعب بالمكعبات الملونه على الفراش…. بعدما جلبهم بنفسه لفراشها…..
رغم تحذيراتها الواهيه بان يجلس أرضا يلعب… لكنه بعناد وكالاطفال تجاهلها وصعد بالعلبة المكعبات الصغيرة للفراش ليفرغ مابها ويلعب………
داعبت شعره الاشقر وهي تنظر لخضار عيناه الامعه ثم قالت بعتابٍ طفيف……
“ينفع اللي انت عمله في السرير ده…. مش كفاية الأرض عملتها سوق……” مسكت فكه برفق وقالت بغيظٍ مضحك قاصدة المرح معه……
“انت مش بتلعب في اوضتك لي ياعلي… محتل الاوضه دي ليه ها…. افهم بس محتل الاوضه
بتاعتي ليه…….”
تمتم الصغير وهو يضع شفتيه على شفتيها
بمسكنة الاطفال…..
(يو يو……… حوه…..)
قبلة شفتيه ثم ابتعدت عنه وهي تدعي
التزمر…
“يسلام….. حلوة…… مش هياكل معايا الكلام ده… انا مش هتثبت اصلا…….”
نادها الصغير مجدداً وهو يقف على الفراش ويسند كلتا يداه على كفها قائلاً بصوتٍ طفولي وديع……
(يو يو…… حوه……..)
زادت آية عناداً طفولي معه
وقالت….
“لا انا……. وحشة وزعلانه منك……..”
صرخ علي بقوة وهو يصر مردد الكلمتين
بطريقة جميلة لطيفه……..
بينما نظرت آية اليه بقوة قائلة بغضب مكبوت…
“احنا مش قولنا نبطل صويت…. بتصوت ليه….” حينما برقة اليه بعينيها بقوة كي تخيفه… مط
الصغير شفتيه وعلى حين غرة لسع وجنتها
بصفعه قوية بيده الصغيرة……
وضعت يدها على وجنتها بصدمة وهي تنظر
اليه…… فصرخت في وجهه بقوة وغيظ….
“علي……”
تزمر الصغير وهو على وشك البكاء ثم القى نفسه باحضانها وظل دافن وجهه بكتفها……… وهو ينادي
عليها مدلل اسمها كما علمه والده…..كي تصفح
عنه ولا تغضب……
اشاحت بوجهها عنه وهي تبعده عنها بحزن
طفيف….
“لا ابعد ان زعلانه منك…….”
ظل الصغير في احضانها يئن بحزن كي تصفح عنه وتبادله العناق………..
وبالفعل رق قلبها إليه…. فقبلته وضمته لصدرها وهي تتنهد بتعب……. هذا الموقف يذكرها بخالد بسابق…
كانت أيضاً صفعة قوية غادرة منه…. وسامحت في النهاية وافصحت…. ليس بقلب زوجه بل بقلب
أم…….
حقيقة تعرفها بينها وبين حالها….هي بالفعل ام
لطفلين…….وستظل الزوجة السخية في العطاء
معه فليس بيدها……التفانِ والحب اتى بمقدرا
معين وكل امرءاً حصل على حصة في العطاء…
وهي دوماً تشعر انها تعطي اكثر من المستحق…
وتخشى ان يخذلها الحب للمرة الثانية…..فتصاب بمقتلها….. وتموت الحياة بعينيها………
كيف تقتل شعور الخوف….كيف تثق….رغم الحب
الوردي التي تحيا به مزال التذبذب في مشاعرها متموجاً واضحاً…….اختناق غريب بحلقه?

استدارت تعطيه كامل تركيزها لتجده يشير على طبق الفواكه الموضوع على الرخامة…….
“يعني العشا فاكهة……..ممكن ناكل زبادي اي
رايك……”رفعت علبة الرائب امام عيناه فهز راسه
وهو يشير باصرار على طبق الفاكهة……
اعادت العلبة للمبرد……ثم اتجهت لطبق الفاكهة
واتجهت للصنبور لغسل الثمار تحت الماء
الجاري جيداً……وحين الانتهاء احضرت طبقين وسكين ثم اتجهت جالسة على المقعد وامامها الطاولة الجالس اعلها علي يراقب امه وهي تقطع
من ثمار الفاكهة وتعطي له قطعه بقطعة واوقات
تشاركه حتى يتشجع وياكل بشهية مفتوحة…..
ضحكت آية وهي تراه ياخذ قطعه من التفاح ويقدمها له بقبضته الصغيرة….قالت وهي تضحك بسعادة……
“اي الدلع دا كله يالولو…..هاخد على كده…..”فتحت فمها اليه وهي تبتسم فوضع الصغير قطعة التفاح بفمها وهو يضحك بسعادة وانبهر…..فخور بانه اطعم
امه بيداه كما تفعل معه……فخر بريء جميل يخبرك ان الامومة تستحق العناء لأجل تلك اللحظات النادرة البسيطه التي بها ينصهر كل شيء بداخلك وحتى ان كان حزناّ غيم على قلبك لسنوات ؟!…
ابتسمت وهي تقشر له الموزة وتعطيها له بيده اخذها
الصغير وقضم منها وهو يتمتم ناظراً خلفها عند فتحت المطبخ بحماسية غريبة منادياً……….
“با با…….”
خفق قلبها وهي تستدير اليه..وحينما ابصرته يتقدم منهم داخلا المطبخ….. يبدو ان علي هو من راه أولاً
ونبهه انهما هنا………… لطالما كان علي المنبة الحقيقي والمنقذ لحياتهما…. وهما معترفين جداً بانهم يمتلكا منقذ صغير…. بطل في أعينهما……….
ابتسم خالد وهو يتقدم منها….ثم مالى على وجنتها وقبلها قبلة طويلة عميقة……اغمضت عينيها وهي تعانق ظهره بيدها السانده عليه……..حينما ابتعد عنها رافع عينيه الخضراء عليها سابح في عسلها الصافي
قائلا….
“عامله اي يايويو……وحشتيني……..”
ردت بابتسامه رقيقة….
“وانت كمان ياخالد……وحشتني اوي…….”
اتجه خالد الى ابنه الذي ينادي عليه باللهفة واشتياق
تهللت اساريره سريعاً وقال بسعادة وهو يحمل صغيره بين ذراعه بخفة……
“عامل اي ياحبيب بابا……..عملت اي مع يويو….
اوعى تكون غلبتها……”
ابتسمت آية وهي تراقبهم بحب…ثم قالت واشيه
بمزاح…..
“يعني هو كان هادي النهارده….بس جه على بليل
كده واتغابى……”مررت يدها على وجنتها وضحكت بخفوت كلما تذكرت صفعته الغادرة لها…..
عقد خالد حاجبيه وهو ينظر لها حانقاً…..
“وانتي ازاي تخليه يمد ايده عليكي……”
بررت بحنان الام……
“اضربه يعني……علي لسه صغير…وفكرها لعبه…”
نظر خالد اليها ثم للصغير باستهجان
وقال….
“فين اللي صغير دا عنده سنتين…….”
ضحكت آية وهي تهز راسها
باستياء…..
“وسنتين يبقا كده كبير…..”
قال خالد بنبرة جادة……
“مش كبير بس فاهم….. طالما بيقول اكل واشرب
يبقا فاهم يا آية…….. متتسهليش معاه ايده هتطول عليكي وعلى اي حد……..”
مطت شفتيها وقالت بنبرة حانية…..
“هحاول….. بس بيصعب عليا…. انت لو تشوفه
وهو بيعتذر…….”
رفع خالد عيناه وهو ينظر لابنه……
“اعتذر كمان !!…. يعني عارف انُ عمل حاجة غلط…”
اومات اية براسها وهي تضحك تلك المرة بتاكيد
على كلامه السابق……
وجدت خالد يمازح الصغير بغلاظة قائلاً وهو يمسكه من ملابسه عند الصدر….
“بترفع ايدك على يويو ليه…… ها….. انت مش هتلم نفسك….. وتلم ايدك دي……” ثم نظر اليه بغيظ اكبر وهو يتذكر شيءٍ اهم……
“انت منمتش لي لحد دلوقتي ليه… صاحي ليه
ها…”
ثم حانت من خالد نظرة عليها وعلى قميصها الكناري القصير وهمس بشك……
“أكيد انتي اللي مصحياه عِند معايا مش كده….”
هزت راسها سريعا نافيه الأمر ببراءة …..
“والله أبداً ياخالد…. دا كان جعان فقولت أأكله ونايمه…….”
اوما خالد براسه بتفهم ثم قال بنبرة جادة….
وعينين ثاقبتين….. “قريتي الرسالة…..”
من بين تنهيدة مُستاءة اجابت….
“قرتها……”
“واي رايك فيها……”سالها بوقاحة وتباهي وكانه أرسل رسالة غرامية……مطالب بمدح انثوي
جميل شاكر لاحساسه المرهف في حبها…
عضت على شفتيها وهي تتذكر كلماته الوقحة
بعقلها ثم مطت شفتيها بعدم رضا…..
“كلام قليل الادب………..انت جايب الكلام دا منين……..”
رد سريعاً باستغراب…..
“من جوا قلبي….ماله بقا الكلام افهم……دا…دا محصلش…….”
نظر اليه بقوة قائلة
بنزق….
“تحب اقولك الرسالة كاملة…….”
هتفت بحرارة واضحه…..
“آآه يا آية…………… ياريت………”
نظرت اية للصغير ثم اليه وقالت
بغيظ…..
“انا مش هقول الكلام ده…….وبطل تبعت الرسايل
دي…….رسايلك بتحسسني انك عايش في قارة
بعيد عني ومبينا مسافات……..خالد ان كل يوم في حضنك………رسايلك بتحسسني اننا متقبلناش
قبل كده…….وانك ملهوف علشان تشوفني……
تلمسني وتاخدني في حضنك….احم….دي اقل
حاجة مكتوبه في رسايلك…….”مررت يدها على عنقها بحرج لاحقه نفسها قبل ان تتفوه بالاكثر….
مط خالد شفتيه وسالها حائراً…..
“هي رسالة واحده ببعتهالك في اليوم….لو مش حباها…..بلاش…….”
مالت عليه براسها قائله بحب….
“مستعده اقبل منك الف رسالة كل ثانيه…..مكتوب فيها حاجة واحده بس…..(بحبك يا اية….)بس…..”
زم شفتيه قائلا باستهجان…..
“بحبك يا اية…..يافقريه…….كده حلو….”
برمت شفتيها بعتاب….. “لي فقريه بقا………”
قال بتباهي ذكوري……
“اللي بترفضيه ده….تتمناه اي زوجه……دا ان ببعتلك شعر مش رسالة عادية…….”
ابتسمت آية باستخفاف……
قائلة….
“شعر وقح…….”
قال بتفاخر عالي……
“بس بالفصحى….والفصحى دايما راقية الكلمات والمعاني……”
حركت كتفها بدلال…….وقالت
“حصل…….بس المعنى واصل مهم زوقته……..”
اعطاها خالد الصغير الذي بدأ في التثاءب بين
يداه…ثم قال لها بمكرٍ……
“علي عايز ينام….اطلعي نايميه….وتعاليلي عشان مستنيكي….. عندنا حصة نحو…..”
تساءلت باستفهام عاقدة حاجبيها بغرابة….
“إيه……. نحو إيه……”
ضيق عيناه قائلاً بلؤم…..
“إعراب الرسالة يا يويو كلمة…… كلمة………..”
عندما وصلها مقصده عضت على شفتيها وهي تناظره بعينين مغرمتين به……ثم همهمت
بدلال…..
“ممم…… زي كل يوم…… حصة النحو اللي
مبتخلصش…..”
ضحك بقوة ثم بعدها قال
بعبث……
“ومن امتى النحو بيخلص……”
بعد قليل دلفت للغرفة بهذا القميص الكناري القصير
الملتف على قدها الانثوي بجمال بارز مفاتنها المكتنزة اللينه بسخاء……..كانت تحمل بين يداها طبق الفواكه
المتبقي منها هي وعلي………
قررت مشاركته مع خالد……بعدما تناولا معاً وجبة العشاء بعد ان نام الصغير بغرفته…….
اتجهت إليه فوجدته يخرج من الحمام ببنطالة بيتي مريح وصدر عاري………..
بلعت ريقها بتوجس وهي تراقب صدره العريض المشدود وبطنه الرياضية المسطحه وذراعه
القوية الصلبة…….ولون بشرته تلك التي دوماً
للونها العادي يضخ حمرة تغيظ وتزيد جاذبية
هذا الرجل عن غيره…….
اشاحت بعينيها عنه وهي تتجه لطرف الفراش ممدده عليه وعلى ساقاها يرتاح طبق الفاكهة لتاكل منه قطعة من التفاح واخرى من العنب وهي تراقبه بطرف عينيها…….
ابتسم خالد اليها وهو يراقب نظراتها المختلسه له…
عليه ان يعترف انه حينما يجدها متأثرة بحضورة
الرجولي تتكون لديه رغبة قوية في تقبليها بجموح….يحب ان يقبلها وان تئن في احضانه باسمه بضعف واشتياق مطالبة بالاكثر دون حديثاً……..
مرتا عيناه الخضراء على جسدها في تلك الجلسة الهادئه….من اول هذا الكناري الحريري حتى ساقاها البيضاء الامعة………..
اتجه اليها قائلاً بمداعبة……
“اللي ياكل لوحد يزور يا يويا…….”استلقى جوارها على الفراش ممدداً باسترخاء ثم وجدها تميل عليه بحبة عنب………
فتح فمه والتقطها منها وعيناه تبحر في عسلها الصافي ذو الامعه الشقية المغريه………
نظرت لصدره العاري ثم لعيناه وقالت بهدوء…
“انت هتنام كده قوم البس حاجه عشان
متبردش……هتتعب كده…..”
سالها وهو يعانق عينيها…. “خايفه عليا……..”
اومات وهي تضع قطعة من التفاح بفمه قائلة بتاكيد…..
“طبعاً ياحبيبي……هخاف على مين يعني…انت
وعلي وعز اخويا وخالي طبعاً كل حاجة ليا
واقرب ناس لقلبي…..”
اخرج زفرة صغيرة وهو يسالها بهدوء…..
“مش بسالك عنهم….انا بسأل عني انا…..انا اقرب لقلبك يا آية………”
وضعت طبق الفاكهه جانباً على المنضدة واكدت سريعاً معترفة بصوتها الاذاعي الناعم….
“طول عمرك اقرب لقلبي…..ولعقلي ولروحي…طول عمرك حبيبي….من اول ما وعيت على الدنيا وانت
حبيبي……….وعيني مقدرتش تشوف غيرك…..وقلبي
برضو مقدرش يحب غيرك…..”
سحبتها ذراعاه سريعاً لاحضانها وجلست على
حجره وضمها إليه فارتاحت راسها على صدره النابض بقوة…..بينما هو يمسد على كتفها العاري
بحب……معترفاً بنبرة عاشق ولهان……
“انا كمان محبتش غيرك يا آية…..اقسم بالله…قلبي ما عرف الحب غير معاكي….ومحبش غيرك…….تعرفي انا نفسي في إيه……..نفسي افضل عايش معاكي
لحد ما شيب و يوم ماموت اكون سيبلك ذكره حلو تفتكريني بيها طول عمرك……..”
رفعت عينيها عليه وقالت
بحنق….
“بطل كلامك د ياخالد….. بعد الشر عليك…..”
همس امام عينيها بصدق وعيناه بداخلها
صراع قوي فتاك يحكي عن عذابه الحالي
والدائم كلما تذكر انه كان سبب آلامها
خلال ثلاثة اعوام كاملة في الهجر والجفاء
والغباء منه…….
“نفسي اسعدك يا آية….نفسي اعوضك عن كل
حاجة وحشة عملتها معاكي……”
رقت عينيها وتحسست صدره باصابعها محاولة
تهدات تلك الخفقات القوية العالية…..قالت وهي تغوص في خضار عيناه…….
“سعدتي انك تبقى موجود……العوض الحقيقي عندي انك تفضل تحبني….تفضل بس تحبني ياخالد…..”
اغمض جفنيه بالم متأوه داخله بقوة……بعد كلماتها
التي تكشف عن خوف مزال كامن بينهما…….فتح
جفنيه وقال بمشاعر حانيه صادقة…..
“هفضل احبك طول عمري….. الحب اتخلق عشانك.. يا آية……انتي اول حب واخر حب…..”
عانقت عنقه بيداها ورفعت راسها وهي تهمس
بخفوت عاطفياً……..
“بحبك……”
“وانا بموت فيكي يايويا………” بعد تلك الجملة مالى عليها وقبلها برفق حاني وهي بادلته بنفس النعومة
لتزداد القبلات رقة وعمقٍ منه و هذا لا يفعله إلا نادرا
علاقة حميمية للينه وعاطفية يود بها ان يمتعها هي بهذا القرب اكثر منه….. فانا ذكرت ما يفضله خالد
كاي رجل بعضًا من الجموح الناتج خلفه شوقًا ملتهب ولهفة العشق التي يصعب السيطرة عليها……
استلقت آية على الفراش وهو فوقها ينهال من شفتيها السخيه اللينة……. وطعم العسل الحلو
بهم كاللون عينيها الصافية……….جسدها اللين… همسها الحاني بحب بالقرب من شفتيه……. فاتنة تلك المرأة بالفطرة وما تملكه من جمال فج ومميز يجعله يشعر بسعادة في احضانها لا تضاهي أحدا……
كشعاع هي براق….كاليلةٍ قمراء مضيئه بنور
القمر…..أضاءة عالمة المظلم وخلقت لها مكانه
قويه بقلبه انتزاعها يعني موته…… ومع هذا
هو اكثر من مرحب بوجودها معه…..بل ويسعى
بقوة لتظل معه ولا تمل يوماً منه……
انقلبت الأدوار وبات اليوم هو من يخشى ان تتركه
وترحل…. أصبح يسعى لان ينال رضاها ويطمئن
قلبها وقلبه معها….. محاول كسب الثقة التي
ضاعت هباءاً بسبب نزواتٍ نسائية……
……………………………………………………………
مسدت على جبهة امها وهي تسالها برفق….
“عايزه حاجة تانيه اجبهالك ياحبيبتي….”
هزت ماجده رأسها بنفياً وهي تسالها بنبرة منهكه
من شدة التعب…..
“لا ياحبيبتي…. قعدي انتي بس عشان الوقفه
والفرك الكتير ده مش كويس عشانك……”
اومات لها حنين بانصياع دون جدالاً…سحبت مقعداً
وجلست جوار السرير……ثم مسكت كف امها برفق
بين راحتيها وقالت بولة…..
“خضتيني اوي عليكي ياماما………انا كنت حسى ان هيجرالي حاجة…….لولا عز……..”
بلعت باقي الكلمات وهي تشعر بوجع قوي ينحر بصدرها……..تشعر بالغضب من نفسها تلك المرة
آزته بقوة……وهو كالعادة مزال الزوج الخدوم
الحنون الذي لا يقصر عن وجباته مهم حدث
بينهما…….يتحمل مسؤوليتها هي واسرتها
متكفل بكل شيءٍ لأجلها………
لكن ماذا فعلت هي لأجله لا شيء…..افسدت كل شيءٍ…بخوفها وضعفها وقرارتها المهتزة…..وعقلها المشتت اوصلا بها لحائط صلب سد بينهما…….
مرا أسبوع على تواجدها في المشفى برفقة امها
بعد اخر شجار حدث بينهما…….
اسبوع وهو ياتي لهنا لزيارة امها والاطمئنان عليها هي بتلبية احتيجاتها ثم المغادرة…..
تاركها تبيت بالمشفى مع والدتها مؤقتاً كما رغبة
منذ ان حكم عليها بالعودة اليه لأجل ما تحمله
في احشائها…
اغمضت عينيها بالم… اسبوع وهو غير قادر على النظر لعيناها مباشرةً……. حتى ان حانت منه
التفاته اثناء حديثه لها تكن اقل من الثانية
ثم يعود ويبعد عيناه عنها بتجاهل…
المها تجاهله…. والمها اكثر هدوء تعامله الجيد معها……… تعامل فاتر هادئ… لا يكشف عن الغضب
الكامن بداخله ولا الحب العاصف بوجدانه…….
يبدو انه مل من الصراخ والغضب واراد هدنه
مؤقتة بينه وبين حالة…….. ورغم سلامه خارجيًا وحروبه داخليًا إلا انه يزل امامها شامخ مغلف بالبرود وتعامل الفاتر………..
هي تعلم جيدًا لماذا اتخذ هذا النهج طريق
للتعامل معها في الايام المقبلة……
فقط للحفاظ على ابنه من نوبات غضب الثيران الخاص به وكذلك حتى لا تتعرض لاي مضاعفات كارثية تؤدي لفقدانها حملها الاول….
هل الاحتمالية الثانيه تعني انه يخشى عليها.. كاي زوج مهتم يحب زوجته؟!…….
اخرجت زفرة متعبه… اشتاقت اليه لي احضانه همساته لمساته…. اهتمامه بها…… اشتاقت إليه
وهي علي يقين انها سبب بعده عنها
وجفاؤه معها….تستحق وبجدارة حاولة افعالها للنقيض…….
نظرت للامام بضياع وقلبها يحدث الحبيب
في الخفاء وعن بعد مسافات…….
هل لك ان تعود ياعز الدين فمفتاح قلبك معي… اخشى ان تقع نسخه منه بين يدي أمرأه اخرى… وقتها ساكون قد تاكدت ان القصة الوردية انتهت بالفعل بكابوس أسود…..
شعرت بيدي امها تتحرك بين راحتها….رفعت عينيها الحزينة باهته النظرات لامها التي سالتها بقلق….
“لسه زعلانه انتي وهو…….مش قولتيلي انه عرف انك حامل…….إزاي زعلان منك بعد الخبر الحلو
ده……”
اسبلت جفنيها هاربه وهي تقول
بنفي…..
“احنا مش زعلانين ياماما……..امورنا تمام……”
مطت ماجدة شفتيها بتعب قائلة…..
“بتخبي عليا لي ياحنين…..باين عليكي وعليه……….متكدبيش عليا انا أمك……”
هزت حنين راسها ونزلت دموعها قائلة
بضياع….
“انا مش عارفه اعمل إيه يا امي……انا بوظت كل
حاجة انا خايفه يكون كرهني……..”
رق قلب امها فطمئنة قلبها برفق…….
“لو كرهك مش هيجي يطمن عليكي كل شويه…لو كرهك مش هيمسك فيكي كل ده……ولا هيعمل
معايا ولا مع اخواتك كل اللي بيعمله ده…..جوزك
بيحبك ياحنين وشريكي بعد اللي حصل بينكم
لسه عايزك……..”
حركت كتفيها وهي تقول
بضياع….
“والمفروض اعمل إيه……..”
قالت امها بوعي وخبرة تفوق عمر حنين
اضعاف….
“اشتريه انتي كمان………الراجل يابنتي شبه
العيل الصغير بكلمة…. بضحكة…… باكله حلوة تكسبيه……الرجالة كلها بتطلع تطلع وتنزل
على مفيش…….من نظرة واحده بيقعه على
بوزهم…… “ثم نظرت امها لعيناها الدامعه وقالت
بقوة تتناقض مع ملامحها الشاحبة المتعبه…….
“فكي التكشير دي وبطلي عياط الرجالة مبيحبوش الست النكدية….العياط والنكد مش هيحل المشكلة بالعكس دي هتكبر وطول اكتر بينكم….. ويمكن لما يجيب اخره منك يطفش ويدور على غيرك…ماهو الصبر ليه حدود يابنت سيد…….. وان كان حبيبك عسل متلحسوش كله………….”
رمشت حنين بعينيها عدت مرات وهي توما لامها بانصياع محاولة كسب زوجها من جديد بأقل ما تملكه من جمالا……هل سيتأثر ان حاولت التقرب
منه وافتعال الدلال والمسكنة عليه………هل
سينسى ما فعلته…..
يجب ان تتحلى ببعض الثقة والخبث الانثوي فهي
ان ظلت بهذه الهشاشه ستجده مع غيرها لا محال
فكما قالت امها….(للصبر حدود……)
طرق الباب في تلك الأوقات رفعت عينيها وهي تتوقع رؤيته لكن الزائر صدمها….تمتمت بدهشة
وهي تنهض……
“سمر……..”
تبسمت شفتا سمر بجمالاً واتساع وهي تدلف للغرفة تحمل بين يداها اكياس عصائر وفاكهة……وقالت معاتبه وهي تضع ما بيداها جانباً…..
“كده برضو ياندله….اسمع من الجيران انك في المستشفى مع امك بقالك اسبوع….”اتجهت الى
والدة حنين وقبلتها من وجنتيها قائلة بود….
“عامله اي ياخالتي….الف سلامه عليكي….شفاكي
الله وعفاكي…….اخبارك اي دلوقتي…..”
ابتسمت ماجدة لها بمحبة قائلة بصوتٍ
ضعيف…..
“الحمدلله ياعروسة…..تعبتي نفسك ليه بس…واي اللي انتي جيباه معاكي ده…….الخير كتير والحمدلله…….”
ردت سمر بمودة…..
“ربنا يزيد ويبارك دي حاجة بسيطه…..”ثم
اتجهت لحنين وعانقتها بقوة واشتياق
قائلة بمحبة…..
“عامله اي ياحنين………واي اخبار الحمل…….”
ردت حنين ببسمة هادئه…..
“الحمدلله كله تمام…………”
قالت سمر بعتاب اثناء وقوفهم…..
“طب الحمدلله…..ليه بقا مقولتليش انك هنا…لازم اسمع من برا…..”
قالت حنين بحرج منها وعيناها تحكي لصديقتها الكثير……والتي قرأته سمر سريعاً…….
“مجتش فرصة……الدنيا كانت متكعبله معايا اوي الاسبوع اللي فات ده……”
رحبت بها ماجدة وهي تقول بلطف…..
“قعدي ياسمر ياحبيبتي….عامله إيه وزينب اي اخبارها……..”
جلست سمر على الاريكة قائلة بهدوء..وهي تنظر لحنين بقلق……..
“الحمدلله هي كانت جيالك والله….بس الضغط عالي عندها شويه…..بس هي جيالك بكره ان شاء الله… ”
قالت ماجده بهدوء وود…..
“الف سلامه عليها…قوللها متتعبش نفسها…انا كلها يومين وخرجه باذن الله…….”
قالت سمر برفق وشفقة عليها…..
“تخرجي بسلامه ياخالتي…….ربنا يخفف عنك…… ويشفيكي….. ”
اومت ماجدة براسها بتعب وهي تقول….
“يارب يابنتي…..قوليلي عامله اي مع جوزك…..
كويس معاكي……”
لمعة عيناها بومض الحب…. وقالت بنبرة تحمل
بين طياتها سعاده وامتنان واضح…….
“الحمدلله ابراهيم جدع ومحترم…. واهله طيبين اوي وبيحبوني……”
قالت ماجدة بلطف ومحبة…..
“ربنا يديم المعروف بينكم يابنتي ويسعدك…..
ويكرمك بذرية الصالحة يارب…..”
زاد بريق عيناها بتمني حقيقي
فقالت….
“يارب ياخالتي ادعيلي ……..”
ثم نظرت لصديقتها بعدها وبعينيها اشارت لها
على باب الخروج……..
حينها نظرت حنين لامها بطرف عيناها ثم نظرت لسمر وهزت راسها بنفي…….
ضحكت ماجدة عليهن وهي تقول بلؤم….
“أطلعه اتكلمه برا……انا كده كده تعبت وعايزه
انام شويه………”
تنحنحت حنين ثم نهضت سمر وهي تبتسم بحرج خارجه من الغرفة وسبقتها حنين…….
……………………………………………………..
بالخارج تحدثا امام الغرفة على احد المقاعد… واثناء سرد حنين شهقة سمر وهي تنظر اليها بدهشة….
“يعني انتي كنتي ظلماه كل ده… وهو ولا اتجوز ولا
عمل حاجة….. وكان ملعوب من الحربايه الحمرة دي……”
“أيوا…..” زفرة حنين قائلة…..
“المشكلة ان الموضوع اتعقد بعد ما خبيت عليه موضوع الحمل…….”
قالت سمر بتفهم ورفق……
“انتي غلطي في دي كمان ياحنين…. يمكن لما شوفتيه مع الزفته في اليوم اياه كان ليكي حق تطلبي الطلاق……..”ثم اضافت سمر بغيظٍ
” مع اني برضو لو انا مكانك كنت دخلت
فضحته…… وجبتها من شعرها ولي يحصل
يحصل بعدها………
بس انا عارفه طبيعتك وعارفه انك عمرك ما
هتعملي كده…..وعذرتك وقتها…..
بس حوار انك تخبي عليه حملك بعد حتى ما
تاكدتي انه متجوزش عليكي غلط……. وغلط
كبير كمان….. “نظرت لها سمر باستياء
واضافت…….
” كده فهم انك مش عايزه اللي في بطنك…… او ناويه تفضلي مخبيه عليه وتحرميه من انه يعرف
انُ لي عيل منك…….. ودا أكبر غلط لان كان
مصيره هيعرف….. عشان دا ابنه من صلبه
هيشيل اسمه يام العريف……. “ضربت كفها
بغيظٍ من تفكيرها المحدود في حل مشاكلها…
بينما نظرت حنين امامها بحزن وقالت….
“اللي حصل ياسمر…… انا كنت خايفه من رد
فعله….. وكنت فاكره لما يعرف هيضطر يعيش
معايا عشان خاطر ابنه……او بعد ما خلف ياخده ويرميني في الشارع….. ”
رفعت سمر زاوية شفته للاعلى وقالت باستهجان…..وهي ترمقها بتعجب……
“يضطر !!!.. ياختي هو في راجل بيضطر يعيش مع واحده بالغصب…. فوقي ياحنين… دول بيرموا عيالهم وبيروحوا يتجوزه مرة واتنين وتلاته…….”
ثم تابعت بشفتين تلتوي بمقت……
“وموضوع بقا تخلفي وياخد منك ابنك… معتقدش انه جاحد اوي كده…. هو بجح آآه ومستفز وبصراحه الله يكون في عونك… بس نقول اللي لينا ولي علينا
هو مش جاحد بدليل ان أول ما تصلتي بيه جالك على ملى وشه وجاب الاسعاف والدكاتره عشان يلحقوا امك…… معتقدش ان عمل كده من باب الانسانيه…. هو عمل كده عشانك…….وانتي لسه
قايله انه مكنش يعرف انك حامل غير لما جيتوا
هنا……….
“يعني كله عشان خاطر عيونك…..مش معقول هيرميكي بعد عمايله دي……وعشان نكون
واضحين هو عامل اللي في بطنك حجه عشان تفضلي معاه…… “غمزة لها سمر في اخر جملة
بخبث وثقة…….
فقالت الاخرى بتشكيك…… “تفتكري ياسمر…..”
قالت سمر بمكر انثوي جميل……
“صبرني يارب…. بعد كل اللي حكتيه ده ولسه
شكه……انا عن نفسي شايفه انه على اخره….
وفاضله تكه ويسلم الرايا البيضه…….”
لم تهتم حنين بما قالته سمر بل سالتها
بعجز احمق…..وهي شاردة العينين
“انا مش عارفه اعمل إيه…..عندك حل….. ”
اتسعت عيون سمر بدهشة وهي تعقب
بسخرية
“ياخبتك…… بتساليني انا… دا انتي بقالك سنه
معاه…. جايه تاخدي خبرة واحده متجوزه بقالها شهر !!…….”
عقدت حنين ذراعاها امام صدرها ومطت شفتيها بكبت…..وفضلت الصمت بغيظ حتى لا تنفجر في
وجه صديقتها التي في حالة مزاج رائق يسمح لها
بالمزاح مع حالتها البائسه……..
ضحكت سمر وهي تلكزها بخفة…..وقالت بنبرة حانيه…….
“اول حاجة تعمليها تبطلي نكد… وتفردي بوزك
ده……… تاني حاجة…… اتفرجي على فيلم
صراع في النيل……”
نظرت لها حنين بقوة و
دهشة…
“نعم…..”
ضحكت سمر تلك الضحكة الانثوية الجميلة
ذات الرنة الفاتنة…….مما جعل طبيبًا كان يمر
من امامهم ينظر اليها بدهشة ممزوجه باعجاب
بجمالها الشرقي الجذاب….. مع الانوثة الفجه
التي تتمتع بها……وجد نفسه اثناء النظر لها
يتعثر في شيءٍ وهمي وكان على وشك
السقوط…. لولا تمسكه في اخر لحظه
استقام بشموخ وسار باتزان امامهن حتى اختفى
عن ابصارهن……….
لم تلاحظ سمر ما حدث للتو بل انغمست
في الحديث بصوتٍ خافت وهي تخبرها
بجدية….
“نعم الله عليكي……انتي عارفه الفيلم طبعاً…انا عيزاكي تبقي هند رستم في نفسك….نرجس في الفيلم……..الثقة والجمال والدلال….والضحكة
الحلوة اللي هزت ثبات رشدي اباظه في
الفيلم……..والماشيه….. الماشيه المايعه اللي
وقعت عمر الشريف على بوزه……”
فغرت حنين شفتاها بعدم تصديق
معقبه…..
“انتي بتهرزي معايا ياسمر صح……”
اكدت سمر وهي تتبسم بجذل لها…..
“طب والله أبدا…..جوزك مش هيجي ولا هيرضى عنك غير بطريقه دي……شويه دلع على حبة رقه
هيجي زاحف لعندك…..وبكلمة حلوة منك هيقولك
اومرك ياحنين….. ”
ضيقت حنين حاجبيها وهي تسالها
بيقين……..
“انتي بتعملي كده مع ابراهيم……”
اكدت وهي تقول بطريقتها الخاصه مابين الجرأة والصراحة……….
“الله هو عيب ولا إيه…مش جوزي ولي حق عليا…
ولازم ادلعه كده… وكون الصدر الحنين ليه بعد
الضغط اللي بيشوفه طول النهار…..مدلعش عليه
ليه وهيأله الجو في بيته…… هو الراجل عايز اي غير ان يلاقي راحه في بيته ومراته مستنياه وضحكتها
من الودن دي للودن دي…… واخر اليل شوية دلع… ”
لكزت سمر كتفها بكتف حنين وهي تضحك بخبث
بينما شاركتها حنين الضحكه وهي تهر راسها
باستياء قائلة……..
“الله يكون في عونه……. انتي كارثة……”
استغربت سمر من جملتها فقالت لها بجدية…
“الله مستغرب ليه…… دا حب على فكره… اني
ابقى بسعى اني ارضيه وبسطه وهو معايا دا اسمه
حب…….وهو كمان بيعمل كل حاجة عشان يرضيني
محولش ليه انا بقا كمان اقدمله حاجة ولو بسيطه تسعده………”
اومات حنين مؤكدة وهي تقول بشجن…..
“عندك حق……عز عمل كل حاجة عشان يرضيني…
مش فاكره اني عملت حاجة ترضيه طول السنه اللي عشناها سوا ……”ترقرقت الدموع بعينيها بتانيب
نفسها……..وتابعت ببوح لصديقتها….
“حسى اني كنت انانيه طول الفترة اللي فاتت دي….كنت عايزه اخد منه وبس….ومهم قدملي
مكنتش برضا ودايما بحسسه انه مقصر
معايا……..دا غير اني كنت دايما بحسبه على
جوازته القديمه…… وضايقه بالكلام…….”
ربتت سمر على كتفها برفق…..
“بكره الامور تظبط بينكم ياحنين…انا واثقه في ده………خدي انتي بس خطوة…..وصدقيني
طالما بيحبك هيقدم بدل الخطوة عشرة….”
نظرت لصديقتها وقالت
بخزي…..
“انا حسى اني جرحته اوي ياسمر…. ”
خففت سمر الضغط عليها وهي تقول
بتفهم وملاطفة……
“معلش انتي كمان كنتي مجروحه……وغصب عنك…
حاولي تصلحي أمورك…وان شاء الله الحياة هترجع بينكم احسن من الأول…وابنكم هيتربى وسطكم……..”
ابتسمت حنين لها وترقرقت الدموع بعيناها قائلة
لها بمحبة…….
“انا لو كان عندي اخت…….مكنتش هتحبني ولا هتعمل معايا نص اللي عملتيه عشاني…….ربنا يخليكي ليا ياسمر ويديمك نعمة في
حياتي……..”
لسعه من الدموع غزة عينيها فردت على
صديقتها بابتسامة حانيه متأثرة……..
“ولا يحرمني منك يانونا…….وبعدين احنا مش صحاب احنا أخوات……والاخوات إيه غير سند
وضهر لبعض…….”سحبتها سمر لاحضانها وضمتها
برفق وهي تمسد على شعرها بحنان..ثم قالت بمزاح……..
“بس متنسيش تتفرجي على الفيلم….. اتفقنا…..”
لم ترد حنين بل فلتة ضحكة متعجبه من بين
شفتاها بينما شاركتها سمر الضحكة بصخب
أنثوي جميل…..
…………………………………………………………..
ابتسم له بمجاملة وهو يخرج مافي جيبه ويعطيه
له في الخفاء….. ليقول الآخر وهو مبتسماً رافعاً
حاجبه بتشجيع….
“صباحك فل يابو حميد……”
ضربه احمد على كتفه قائلاً بنزق……
“صباحك زفت….. اخلع……..”
هرش الشاب في شعره وهو يضحك مبتعدًا عنه….
اخفى ما بيده في جيبه سريعاً حينما لمح كرم يقترب منه عاقد الحاجبين يلهث بانفاس متسارعه من كثرة الجري للحاق به……….
نظر له احمد بتعجب وساله….
“في اي يابني بتجري كدا ليه ما براحه……”
حز كرم على اسنانه وهو يلقي بين يدي احمد
دفتر……..
“براحه….. خد يازفت… المرجعات اهيه……. انت
مبتجيش الجامعه ليه……..انت مش عارف ان
الحضور عليه درجات…… ”
لوى شفتيه قائلاً بنزق…..
“فكك من الهري دا ياكرم……. ربنا يسهل هبقا احضر…….”
نظر كرم للشارع الواقفين فيه ثم عادت عيناه لصديقة ينظر له ملياً متفحص وجهه بقوة قبل
ان يساله بشك…..
“انت فيك ايه….. مش مظبوط بقالك فتره
مالك…….”
رد أحمد بنفي رافض ما يشير اليه…….
“هيكون مالي يعني…….انا تمام…….. ”
هز كرم راسه بعدم تصديق قائلاً بنبرة خشنة صلبة …..
“لا انت مش تمام…. هتخبي عليا… وبعدين تعالى هنا
الواد ماندو دا وقف معاك ليه…. من امتى يعني واحنا بنقف مع ماندو وشيلته…. افهم بس انت مش عارف انه الواد دا شمال……. واصلا وقوفك معاه
يشبهك…..”
رفع أحمد راسه قائلاً بغضب واندفاع ليس له
داعي…..
“وبعدين معاك ياكرم اقف مع اللي يعجبني… انت هتشاركني…….”
قال كرم بنبرة قوية حازمة……
“لا مش هشارك…. بس احنا صحاب… وصاحب التمام
اللي لما يشوف صاحبه بيغرق يلحقه… وانت بتغرق واكيد بتضرب حاجة باين على عينك….. انت بتشرب اي يا أحمد…….”
مط احمد شفتيه بقنوط…..
“الله هو تحقيق ولا إيه… ما تحللي بالمرة….مانت ولي امري بقا……”
نظر كرم للشارع والمارة من حولهم ثم قال بنبرة هادئه قليلاً……حتى لا يفتعل حديثهم فضحية
تصل لعائلتهم………
“بقولك اي الكلام في الشارع دا مش هينفع… تعالى عندي البيت…..”
عزم احمد المغادرة وهو يمتنع
بحنق…
“لا عندك ولا عند غيرك…. انا مروح…..”
مسكه كرم من ذراعه سريعاً وهو يقول بقوة واصرار…….
“مش هتروح غير لما اعرف… انت بتشرب إيه…”
لوى احمد شفتيه وهو يسحب ذراعه سائلا
بنزق…….
“ليه عايز تشرب معايا… قول متكسفش… جرب حظك……’
اطبق كرم على اسنانه وقال من بينهما
بغيظٍ……
” متستفزنيش يا احمد ورد عليا…… ”
زفر أحمد وهو ينظر اليه باستهانه…..
“انت غريب اوي يا جدع…… يعني انا لو بشرب
حاجة هخبي عليك ليه……”
خبط كرم على كتف أحمد وهو يقول بغضب أعمى……
“انت كداب……. وقسم بالله انت بتشرب حاجة… وبتشتري من ماندو….. و ربنا لو طلعت بتضرب
حاجة لهعدمك العافية يا احمد…….”
مسك احمد ياقة قميص رفيقه وهو يقول بشر وعيناه تضخ شراراً……
“انت اتهبلت يالا…….. تعدم مين العافية…..”
لم يرف لكرم جفن بل قال بقوة….
“اتهبلت ومش هرجع في كلامي………..و.. ”
صمت كرم حينما وجد أحمد يتركه ياقة قميصة وينظر للخلف باعين ثاقبة غائرة…..
استدار كرم خلفه ليجد حبيبة تمر بجوارهم
وعينيها في الأرض بخزي وتجاهل ملموس…
اغمض احمد عيناه بعذاب….فهو كل يوم يتمنى ان يقابلها ولو صدفة….واليوم راها وياليته ما رآها….زاد
الوجع وازداد الشوق لها…..واصبح صعب السيطرة على نفسه……..
لماذا لا ينسى ويتجاوز الأمر……لماذا القلب يهوى الشقاء……هي لا تريده…أردت انهاء القصة رغم
انه كان صادق في المكالمة…..وقد انتابه الضعف وقتها وبكى لأجلها خوفاً من ان تبتعد وتتركه وحيداً……
وكانها تسللت بداخله بشكلاً اقوى مما ظن وبات صعب نزاع اي شيءٍ يخصها….. ولا حتى الغضب
قادر على محو الحب….. ولا حتى الدخان قادر
على تسكير الألم…….
نظر له كرم بصدمة وهو يترجم ما يحدث معه في الاوانه الاخيرة وتلك التغيرات التي بدلت حالة في لحظة….واصبح شخصًا غريب عنه……صاح كرم
بصدمة…..
“انت عامل في نفسك كده عشانها….. ”
لم يرد عليه أحمد بل نظر له بصمت ميت مما جعل كرم يثور غاضباً وهو يدفعه في صدره ترنح احمد للخلف ليجد كرم يصرخ في وجهه بمقت…
“ياخي يانعل ابو الحب اللي يضيعك بشكل ده….”
مسك كرم تلك المرة ياقه قميص أحمد
صارخاً مجدداً وهو يقول….
“انت اتهبلت هضيع نفسك عشان واحده…مافي
داهيه…. من امتى وانت بيفرق معاك حد…….من امتى……”
ابعد احمد يدي كرم عنه وهو يقول بنبرة متعبه
باهته جداً………
“احنا في الشارع ياكرم…….سبني بالله عليك….انا ماشي….. “استدار مبتعداً عنه….مما جعل كرم
ينادي عليه بحنق…….
“استني يا احمد….انت يابني…..كلامنا مخلصش…
استنى…. ”
لم يقف أحمد ولم ينظر له بل تابع سيره
مبتعد عنه……..
زفر كرم بغيظٍ وهو يخرج هاتفه من جيبه ثم
رفع الهاتف على اذنه قائلاً بضيق بعد ان فتح
الخط…….
“ايوا يايوسف……….احنا في مصيبه…….”
ساله يوسف من الجهة الاخرى بيقين….
“عرفت مالوا أحمد…….”
ارجع كرم شعره للخلف بكبت وهو يقول
بقنوط……
“يارتني ما عرفت يايوسف…….بص الكلام في التلفون مش هينفع…….. انت فين……”
رد يوسف عليه بهدوء….
“انا في الفيلا……. تعالى انا مستنيك……”
رغم رغبة الرفض الباديه على وجهه من الدخول لبيت صديقه خوفاً على قلبه ان يزداد تعلقًا بعد
ان يرى اميرته الصغيرة صاحبة الشعر الأسود
الناعم الطويل والملامح الانثوية الاغريقية….
وعيناها و آآه من عيون سوداء براقة عميقة لا
تحمل إلا الدفء والانبهر الغريب نحوه… انبهار
مزعج….. وجميل…. يرضي جزءاً منه…… ويغضب جزءاً آخر اكثر نضجاً وعقلانيه………
رد كرم باستسلام…….
“تمام يايوسف…..نص ساعة وهبقا عندك…….”
عندما دخلت الشقة سريعاً دلفت لغرفتها واغلقت الباب وهي تضع يدها على صدرها الذي يخفق بجنون وانفاسها تتسارع بقوة وكانها اتت من
سباق سريعاً للتو……..
نزلت دموعها بانسياب على وجنتيها الشاحبة…
ومزال قلبها الصغير يخفق بوجع…….
كانت تظن انها عند رؤيته لن تشتاق ولن تتألم..ولن تنزل الدموع شوقاً وعشقاً له……كانت تظن ان مع الايام سيزول الحب من قلبها….سيزول الألم مع
مرور الساعات…….
سمعت كثيراً ان الحب الاول نوعين الاول اعمق واصدق يبقى في الأثر مهما حاولنا نزعه او استبداله……والثاني وهم نكتشف انه كذبة كبيرة حينما ياتي الحب الحقيقي………
هل يجب على المرء ان ينسى الحب بدخول في علاقة جديدة تحمل نفس المشاعر او اكثر…….اي
هراء هذا……ألا يجب ان ننتزع الحب من قلوبنا
حينما نريد ذلك…………
وهل الحب محكوم بقواعد معينة…الحب يغزو القلب
في سهوةٍ…. ويجرح في سهوة….. وعند الفراق يتعلق
بك مدى الحياة….والسهوة تظل سهوةٍ سواء ذكرى عابرة او شوقًا بائساً لمن احببنا وهجر في سهوةٍ !؟……
اتجهت الى شرفة غرفتها ومن خلف الستائر ابصرته يتقدم من بناية منزله……..
ظلت تتامله بعيون لامعه بدموع عمقها يحمل صراع ما بين وعد اخذته بينها وبين نفسها وبين شوق يعصف في قلبها الاضغف من المقاومة…….
لم تتخيل عند مراقبته انه سيقف امام باب البناية
وقبل دخوله سيرفع عيناه مباشرةً على نافذتها….
شهقت حبيبة بصدمة وارتجفت اصابعها التي مزالت متعلق في اطراف الستاره تأبى تركها رغم الرجفة
القوية التي سارت بجسدها كله بعد نظرته المفاجئة لها……. كانت نظرة قوية عنيفة….. تحمل غضب
أسود نحوها…..لم تظن يوماً انه سيلقي اليها
تلك النظرة المماقته…….هل حقًا اصبح يكرهها….
ماذا تعني تلك النظرة يا أحمد……..
وجدته يبعد عيناه عنها ويتابع دخوله للبناية…..تركت الستارة ورفعت راسها للاعلى وهي تبكي بضياع وضعف تناجي ربها بقلب ضعيف في صمود امام
الحب وعذابة……..
“يارب خرجه من قلبي….يارب….يارب انساه…..يارب
انساه…….ساعدني….. ”
…………………………………………………………….
صعدت على درجات السلم بخفة وكانت متانقه كالعادة بفستان صيفي انيق ابيض اللون تتناثر
عليه فرشات ملونه مبهجة الشكل….. ام شعرها فكان معكوس على جانب واحد بعدما صففت اياه
بمكوة الشعر……فانساب شعرها الاسود ناعماً على كتفها……ام وجهها فكان ناضراً متوهج بحمرة شهية وعيناها السوداوين البراقتين تضوي بشعاع السعادة والحب…….
كانت تمسك بين يداها ابريق الري…….حينما دخلت السطح وجدت ابراهيم يجثي على ركبته امام حوض
زراعه مستطيل الشكل….. وقد انتهى من زراعة افرع الورود….. التي مع الرعايه منها ستنبة في التربة وتتفتح مع الايام……….
“خد يابراهيم…. اسقي الزرع……”
نظر ليداه الملوثه ثم لعيناها قائلاً بحنق…..
“اسقيه انتي ياسمر…….انا كده مهمتي خلصت…. ”
اتجه لاحد الاركان وعند صنبور مياة قديم اسفله
يوضع دلو بلاستيكي…… وقف عنده وفتح إياه
وغسل يداه… ثم وجهه بل انه انزل راسه كلها
أسفل الصنبور……..
ابتسمت على كائنها الهجمي الضخم… ثم اتجهت لحوض الزرع وبدات بسقي الزرع الاخضر بتمهل واهتمام وهي تقول له……
“انت مضايق مني……”
سالها وهو يرفع راسه المبلل نحوها ومزال مائلاً
نحو الصنبور المفتوح……… “ليه يعني……”
برمت شفتيها وقالت بنبرة ناعمة مقتصدة…..
“عشان استغليت يوم اجازتك وطلعتك تزرعلي ورد……..”
مط شفتيه وقال بصراحه…….
“ممم….. انتي عارفه نفسك استغلاليه من الدرجة الاولى……”
ادارت راسها نحو ونظرت لعيناه وقالت
بخبثٍ……
“انا…….على فكرة انت ظلمني……….وبعدين فيها
اي يعني لما تصحى يوم اجازتك بدري عشاني…..
انا فاكره انك يوم اجازة الاسبوع اللي فات صحتني الساعه سبعه الصبح………”
ضيق عيناه وهو يتجه لاحد لارائك ويتمدد عليها وعيناه الشقية تداعبها بوقاحة وهو يقول
بخبثٍ……
“فكريني صاحيتك ليه……مش كنت محتاج
حاجة مهمه……”
برمت شفتيها وقالت بحنق……
“يسلااام…..دا كان مهم انك تصحيني من احلاها نومه..”
زاد عبثاً وهو يقول بمكر…….
“طبعاً مهم…….وبعدين احنا خدنا اي من النوم…بقالك سبعه وعشرين سنه نايمه عملتي إيه…..”
نهضت واقفه وهي تضع الإبريق جانباً
وقالت بسخرية…… “وجهة نظر برضو…….”
لاحقها بعيناه وهو يقول بسفالة….
“مش كده برضو……وبعدين الموضوع ده لي فوائد
اهمها هتصحي فايقه و رايقه…..”
وضعت يدها بخصرها ورفعت حاجبها قائلة
بقوة….. “ممكن تبطل قلة آدب……”
فلتت ضحكة استمتاع من بين شفتيه ثم
قال وهو ينظر لها بجراءة…..
“مين بيفتح قلة الادب غيرك……”
لم ترد عليه بل اتجهت نحو الأرجوحة الارجوانية
وجلست عليها ثم تارحجت عليها وهي تسأله
بهدوء……
“عامل اي في شغلك…….”
رد عليها وهو ينظر للسماء بتاني……
“كله تمام…….ادعيلي اخلص القرض دا بقا…وبقى
حر نفسي……”
قالت بحنان وتفهم……
“ان شاء الله ياحبيبي……هتخلصه بس اصبر… ”
اعتدل في نومه جالساً وهو ينظر اليها قائلاً بهدوء…….
“الحمدلله ادينا صابرين……كنت عايز اسألك عن
حاجة بخصوص اخوكي أحمد…….”
وقع قلبها بقدميها وهي تساله بقلق
“ماله أحمد يابراهيم…..”
سالها ابراهيم وعيناه لا تبرح وجهها الذي شحب بقلق……
“انتي بتشوفيه لما بتروحي عند امك ولا لا….”
هزت راسها وهي تقول بوجوم……
“مش دايما……..اوقات…ومش بيقعد معايا…علطول في اوضته………او برا……..هو في حاجة يابراهيم…
انت مخبي عني حاجة…….”
اخبرها بنبرة خشنة……..
“تقريباً اتخيلت بيه…….مش عارف هو ولا حد شبهه…..المهم اني مدققتش اوي كنت معدي بالعربية
من الشارع الرئيسي……وشوفته واقف مع واحد..انا اعرفه كويس……..ساكن في شارع اللي ورانا….”
اتجهت اليه وجلست بالقرب منه
بتوجس متسائلة…
“مين ده………..يابراهيم……..”
اخبرها ابراهيم بهدوء…..
“واحد اسمه ماندو……الواد دا مش تمام ورد سجون أصلا……دا غير الحاجات اللي بيبعها للشباب…”
رمشت بعينيها بخوف سائلة….
“حاجات……… حاجات إيه……”
اجاب ابراهيم سريعاً…..
“حشيش……..وبرشام من اللي بيلحس المخ….. ”
وضعت يدها على فمها وبرقة عينيها
بزعر….وهي تساله بسرعة…..
“يالهووي….يالهووي…..انت متاكد ان أحمد اخويا..انت شوفته وهو بيديله حاجة…….”
تلك المرة تحدث بيقين محاولة مواجهتها
بالحقيقة…….
“تقريباً هو ياسمر….. حتى لو مشفتوش كويس… انا مش هتوه عن اخوكي……..بس الشهادة لله انا مشفتوش وهو بيديله حاجة….”
لم يطمئن قلبها وكان الإجابة الاولى كانت كفيلة
بان تمحي اي اجابة بعدها…….ذهبت عيناها بمكان اخر ونزلت دموعها ثم غمغمت بعدم استيعاب….
“معقول أحمد……….”
مسك ابراهيم كفيها واجبرها على النظر اليه وهو يقول بقوة رغم خفوت صوته……….
“اهدي ومتقدريش البلى قبل وقوعه….. انا عايزك بكره الصبح تروحي لامك……وتدخلي اوضة اخوكي تفتشي فيها من غير ماحد ياخد باله….. لو اخوكي بيتعاطى حاجة هتبان….وكده كدا هو بيروح شغله الصبح بدري صح ؟……”
اومات براسها مؤكدة وهي تبكي………ثم تمتمت
بذهول وهي تنظر لعيناه بضياع……
“مش معقول احمد يعمل كده يابراهيم….. مش معقول…”
ربت على كتفها وهو ينظر لعيناها السوداء قائلاً
بجدية……
“زيادة تاكيد ياسمر… مش هتخسري حاجة…. السن
ده اوسخ سن…. ولازم امك وخالك يحطه عنيهم في وسط راسهم…….وياخده بالهم منه اكتر من كده….
دا لو اتاكدنا انه بيتعطى حاجة….. ”
نزلت دموعها وهي تساله بتيه……
“طب افرض دورت وملقتش حاجة…..هتاكد ازاي ان مش بيتعاطى حاجة……”
مط شفتيه وقال بخشونة وتوعد…..
“ساعتها انا بقا اثبت ابن الحرام اللي كان وقف معاه وعرف منه ماله ومال اخوكي…وكان واقف معاه ليه…….”
قالت سريعاً بلوعه…….
“ولي تشبه نفسك مع واحد زي ده……ابعتله اي حد غيرك…”
قال ابراهيم بعدم استحسان وعيناه الحادة
تزداد قتامة…….
“ابعتله مين……مش عايزين نوسع الحوار ياسمر….وبعدين اللي زي ماندو دا ولا غيره مش هيقدره يعمله حاجة معايا ولا مع غيري دي عيال الحشيش والبودرة لحست مخهم…..من نفخه بيطيره…….”
ضربت سمر على صدرها عدت مرت
بقوه وهلع….
“بودرة…..يالهوي…..يالهووي….هو ممكن يكون……”
اسكتها ابراهيم وهو يقول بصرامة….
“هشش متقدريش البلى قبل وقوعه قولتلك بكرة الصبح هنتاكد بنفسنا……”
نهضت فجأه وهي تقول
بتسرع….
“انا عايزه اروح لامي دلوقتي……”
سحبها من يدها واجلسها جواره على الاريكة عنوة عنها وهو يقول بخشونة حازمة…….
“انهارده اجازة ياسمر واخوكي قعد في البيت…اتكي على الصبر يابنت الناس والصبح يحلها الف حلال…”
نظرت امامها بعيون متسعه غارقة بدموع
وحدثت نفسها بلوعه مولوله بحسرة…….
“ليه ياحمد….لي تعمل فينا وفي نفسك كده…كان حصل اي لده كله……..كان حصل اي بس……..
” هضيع نفسك ومستقبلك….. ليه يا أحمد… حرام عليك دا تعب السنين والشقى دا كله كان
عشانك….. على امل انك تنجح وتتخرج وتشتغل بشهادتك يابشمهندس….زي ما ابوك الله يرحمه ما كان نفسه….. وزي ما امك ما بتتمنى…….ليه يا
أحمد ليه تحرق قلبي عليك…… ”
سحبها ابراهيم لاحضانه وهو يهمس بحب وقلق عليها…..
“سلامة قلبك ياسمر……..اهدي عشان خاطري…….
ان شاءالله ربنا هيخيب ظناً……ويطلع مظلوم……..”
بللت صدره بدموعها وتشبثت بذراعه تطالب
منه العون وهي تقول بتمني…..
“يا رب يابراهيم……………يارب يطلع مظلوم…….”

يتبع..

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية غمرة عشقك)

‫7 تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى